إن شئت واحدة، وليس كذلك قوله: طلقي نفسك ثلاثاًً إن شئت.
وهذا الذي ذكره الأصحاب ظاهر إذا كان الكلام مطلقاً.
وإن زعم أني أردت بقولي ثلاثاًً بعد المشيئة تفسيرَ الطلاق، لا وصفَ المشيئة، فهذا مقبول.
وإذا قال لها: طلقي نفسكِ إن شئت واحدةً، فطلقت نفسها ثلاثاًً، فهذا فيه احتمال عندي؛ فإن من شاء الثلاث فقد شاء واحدة؛ إذ الثلاث تنطوي على الواحدة، ويحتمل ما قاله الأصحاب؛ فإنه جعل الواحدة متعلَّق المشيئة، فلا يمنع أن تكون المشيئة موصوفة باتحاد المراد.
فرع:
٩٣٠٦ - قد ذكرنا أنه إذا قال: إن حلفت بطلاقك، فأنت طالق، ثم قال: إذا طلعت الشمس أو مطرت السماء، أو هبت الريح، أو ما أشبه ذلك، مما لا يتعلق باختيارٍ لها، ولا يتصور فيه منع ولا تحريض، فلا يقع الحِنث بذلك.
ولو زعم الزّوج أن الشمس قد طلعت فخالفته المرأة، فقال: إن لم تطلع، فأنت طالق، فيحنث بهذا في يمينه الأولى، وهو قوله: إن حلفت؛ فإنه قصد تصديق نفسه، وهذا من مقاصد الأَيْمان، فصار قوله يميناً على هذا الوجه.
فروعٌ تتعلق بالمعاياة وطرائف الأسئلة:
٩٣٠٧ - إذا قال لها: إن لم تعرّفيني عدد الجوز الذي في هذا البيت، فأنت طالق، وكان البيت ممتلئاً جوزاً، وربما يضيق عليها الزمان الذي تجيب فيه، قال الأصحاب: الحيلة في نفي الطلاق أن تذكر المرأة عدداً يقدّر الجوز عليه، فإن استرابت زادت حتى تستيقن أنها ذكرت فيما ذكرت عدد الجوز، ولا يضرها الزيادة على العدد، فإنها وإن زادت، فقد ذكرت العدد المطلوب.
وهذا خطأ عندي إن ذكر في سؤاله التعريف؛ فإنّ اللفظ يشعر بأن غرضه أن (١) تفيده المعرفة بعدد الجوز، والذي ذكرْته على مجازفةٍ ليس بتعريفٍ، وإنما فرض الفقهاء هذه الصورة فيه إذا قال لها: إن ذكرت لي عدد ما في البيت وإلا فأنت طالق،
(١) زيادة اقتضاها السياق.