لا بد من الاستبراء الكامل، وهذا قياس؛ فإنا لو نظرنا إلى ما سبق، لقلنا: إنها تحل؛ فإن عدتها تؤثر في تحريمها على الغير، وليست المعتدة عن الرجل محرمةً عليه للعدة، ولكن التحليل يستدعي شيئاً من رجعة أو نكاحٍ مجدد، وقد جرى سبب التحليل وهو الملك، فلو كنا ببقية العدة وبقية العدة ليست استبراء، لكانت العدة مؤثرة في تحليلها له.
وهذا غير سديد.
فانتظم ما ذكرناه أن بقية العدة إن كانت لا تزيد على الاستبراء، أو كانت تزيد، فالاستبراء كافٍ. وإن كانت بقية العدة أقلَّ من الاستبراء، ففي المسألة وجهان.
وفي الكلام نوع من الاختلاط؛ فإن الاستبراء بالحيض، والعدةُ بالأطهار، فكيف يترتب استواء البقية ومدة الاستبراء، فلا وجه إذاً لتصوير الاستواء، فإجراؤه في الكلام مجاز، والحيضة الكاملة لا تقع في العدة إلا وبعدها طهر يتبين انقضاؤه بالطعن في الحيضة الأخرى، فإذا كان كذلك، فيقع الاكتفاء بالحيضة، وإن بقي من العدة بقية طهر، فمن أصحابنا من يكتفي بها، ومنهم من يشترط حيضاًً.
وإن فرعنا على وجهٍ بعيد في أن الاستبراء بالطهر كالعدة، فينتظم على هذا الوجه البعيد تصوير الاستواء، ولكن إذا كان بقي من الطهر بقية، فهذه البقية استبراء كامل على هذا الوجه البعيد.
وما يتعلق بالاستبراء من هذا الفصل، فسيأتي استقصاء القول فيه في كتاب الاستبراء.
٩٣٤٩ - ولو طلق زوجته ثلاثاًً وكانت مملوكة، فلو اشتراها، فالمذهب أنه لا يستحل وطأها ما لم تنكِح زوجاً على شرط التحليل؛ فإن الطلقات الثلاث تُثبت حرمةً ممدودةً إلى وطء المحلل، والتخلِّي منه.
ومن أصحابنا من قال: يحل له وطء المطلقِة ثلاثاًً بملك اليمين، وهذا غريب، ووجهه على بعده أن الطلقات الثلاث خاصّيتها تحريمُ عقد النكاح، وهو لم ينكحها، وإنما ملكها، فلو عَتَقت، فأراد أن ينكحها، لم ينكحها حتى تنكح زوجاً غيره.