أو تفطمي ابنك" (١)، جمع الشافعي رضي الله عنه بين هذه الأسباب وهي مختلفة: فمنها مستبعد، ومنها مستقرب، وقرن بين موت فلان وقدومِه، فلا تعلّق (بالسواد) من حيث إنه جمع بين الأسباب المختلفة.
ثم تصرف المزني، وقال: "حتى يقدَمَ فلان أو يموت سواء في القياس" (٢) وأبان أنهما متوقعان على نسق واحد، فهذا بيان لفظ (السواد) وميلُ النص إلى أنه إذا مضت أربعة أشهر، ولم يتفق السبب المذكور، توجهت الطّلبة؛ فإنه قال بعد الأسباب المختلفة: فإذا مضت أربعة أشهر قبل أن يكون شيء مما حلف عليه، كان مولياً.
وقال في موضع آخر - وهذا لفظ السواد:- "حتى تفطمي ولدك، لا يكون مولياً، لأنها قد تفطمه قبل أربعة أشهر" (٣) وأما قوله: حتى تموتي أو حتى أموت، فالإيلاء محكوم به ظاهراً في الحال، ولا يؤخذ هذا من توقع الموت واستبعاده، وإنما يؤخذ من قطع رجائها عن استمتاعه ما بقيت طالبة راجية.
٩٤٣٨ - وحاصل جميع ما ذكرناه يرجع إلى أن السبب الذي جعله المنتهى إن كان مستبعداً، فالضرار كائن، وإن كان السبب متوقعاً، فلا نحكم بالإيلاء، فإن استأخر وقوعُ ما كنا لا نستبعده عن الأشهر، فقولان منصوصان في السواد، وفي موت الثالث من بين الأسباب نظرٌ في أنه من المستبعدات؛ أم لا، ولعل الأظهر أنه من المستبعدات؛ فإن الناس كذلك يَحْسَبون، ومدار الإيلاء على الإضرار المُظهَر باللسان.
والمسألة محتملةٌ على حال.
وإذا قال: حتى تفطمي، فإن أراد وقوع الفطام، وكان متوقع الكون قبل الأربعة الأشهر، فهو ملتحق بما لا يُستبعد، وقد مضى تفصيله. وإن كان أراد انقضاء مدة
(١) ر. المختصر: ٤/ ٩٩.
(٢) نفسه.
(٣) ر. المختصر: ٤/ ١٠٠.