والمحرمات من الرضاع إذا جرى تشبيهٌ بهن، ففيه ثلاثة أقوال: أحدها - أنه لا يكون مظاهراً؛ لأنه على خلاف معهود الجاهلية.
والقول الثاني - أنه يكون مظاهراً إذا كانت المشبه بها مَحْرَماً حالة التشبيه.
والقول الثالث - أنها إن لم يعهدها الرجل إلا محرّمة، فالتشبيه بها ظهار، فإن كانت مستحلّة في حياته، ثم طرأ التحريم برضاع طارىء، فالتشبيه بها لا يكون ظهاراً.
وأما التشبيه بالمحرمات بالصهر، ففي أصله خلاف: من أئمتنا من قال: لا يكون المشبّه بالمحرمات صهراً مظاهراً؛ فإن الرضاع إن تبع (١)؛ من حيث إنه ينبت اللحم ويُنشِز العظمَ، فالصهر لا يلتحق به (٢).
ويُبعد من أصحابنا من قال: المحرمات بالصهر في التشبيه بهن بمثابة المحرمات بالرضاع، ثم تجري الأقوال الثلاثة التي ذكرناها في المحرمات بالرضاع.
٩٥١٠ - ولو قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أبي (٣)، فقد وجدت الطرقَ متفقة على أن هذا لا يكون ظهاراً؛ فإنه اجتمع فيه أنه ليس معهودَ الجاهلية، وليس من شخص يتوقع فيه استحلال، حتى إذا لم يكن الحل وكانت الحرمة بغرض التشبيه.
ولا خلاف أن تشبيه المرأة المحرمة تحريماً مؤقتاً لا يكون ظهاراً، مثل أن يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر فلانة، وكان طلقها ثلاثاً، وكذلك أجمعوا على أن التشبيه بالتي لاعن عنها لا يكون ظهاراً، وإن كانت الملاعَنةُ محرَّمةً على الأبد، فلا يقع الاكتفاء بالتحريم، حتى ينضم إليه المحرميّة.
٩٥١١ - ومأخذ الكلام في هذه المسائل أن الشافعي في القديم اتبع النصَّ ومعقودَ (٤) الجاهلية، ولم ير الحيدَ (٥) عنه بطريق المعنى، ورأى في الجديد اتباعَ
(١) (ت ٢): تبقى.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) (ت ٢): أمي.
(٤) في النسختين: فمعهود. والمثبت من المحقق.
(٥) (ت ٢): الخبر.