وإن اختار الطلاق، كان طلاقاً. فمن أصحابنا من يوافقه (١) على ما يقول. ومنهم من يزعم أن الطلاق يتعين ويندفع الظهار؛ فإن الطلاق أقوى وأنفذ، وأثره في الملك، فكان أولى في التنفيذ.
هذا إذا ذكر لفظ التحريم وزعم أنه نوى الطلاق والظهار معاً.
فأما إذا قال: نويت الطلاق والظهار جميعاًً، ولكن نويت أحدهما قبل الثاني على ترتب، وأتيت بالنيّتين (٢) على مساوقة اللفظ، فهذا إخبار منه عن وقوع النيتين في وقتين لطيفين، قال ابن الحداد: إن نوى الظهار أولاً، ثم الطلاق بعده، حصلا جميعاًً، وهذا رجل ظاهر ولم يعد، فإنه أعقب الظهار بالطلاق، فكان كما لو قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي أنت طالق.
وإن نوى الطلاق أوّلاً، ثم الظهار، وقع الطلاق، ثم نُظر: فإن كان الطلاق بائناً؛ فإنه واقع، ولا معنى للظهار بعده، وإن كان الطلاق رجعياً، وقع، وكأنه ظاهر عن رجعية.
قال الشيخ أبو علي هذا الذي قاله غلط عندي، ولا سبيل إلى تحصيل الأمرين جميعاًً؛ فإن اللفظ واحد، وإذا اتحد اللفظُ استحال تعلّق الحكمين به، ولا أثر للتقدم والتأخر، والحكم في هذه الصورة كالحكم فيه إذا نواهما معاً، ثم فيه وجهان تقدم ذكرها.
٩٥١٩ - وفي هذا مزيد نظر يستدعي تقديم (٣) وجهٍ حكاه العراقيون. قالوا: إذا ذكر الرجل كناية من كنايات الطلاق ونوى الطلاق، نظر: فإن انبسطت النية على اللفظ على قدر الطلاق (٤)، وقع الطلاق. وإن قارنت النية بعض اللفظ وتمّت وبعضُ اللفظ باقٍ، وابتداء النية بعد ما مضى صَدْرُ اللفظ، ثم انطبق نجازها على نجاز اللفظ، ففي وقوع الطلاق خلاف حكَوْه، فإذا قلنا: لا يقع، فقياس هذا يقتضي إذا
(١) في الأصل: فمن أصحابنا من قال من يوافقه على ما يقول. والمثبت عبارة (ت ٢).
(٢) (ت ٢): وأثبت بالنفس.
(٣) في الأصل: تقويم. والمثبت من (ت ٢).
(٤) زيادة من المحقق.