وصفناه (١)، فليس للزوج والحالةُ هذه أن يقذف ويلاعن؛ فإن كون المولود منه ظاهر الإمكان، حتى لو جرى الأمر كما ذكرنا، ورآها الزوج على الزنا بعد وطئه إياها أو قبل وطئه والاستبراء، فلا سبيل إلى نفي الولد.
ثم إذا ذكرنا هذا في معاينة الزنا، فما الظن بالتهم والأمارات التي وصفناها؟ والحاصل في ذلك أنه إذا لم يَجْر استبراءٌ بعد وطئه، وأتت بولد لزمانٍ يمكن أن يكون منه، فلا سبيل إلى نفي الولد؛ فإن العلوق من الزنا إن كان ممكناً، فالعلوق من وطء الزوج ممكن أيضاً، ولا مُرجّحَ، (٢) وقد أمرنا بإلحاق الولد بالفراش، فلا يجوز التهجّم على نفي الولد بالإمكان، ولو فرض تساوي الإمكان حيث لا ولد، لما جاز القذف.
ثم هذا الذي ذكرناه بيّن في نفي الولد.
والذي ذكره العراقيون والقاضي أنه لا يقذف ولا يلاعن، ويعترض على هذا إشكالٌ وهو أن الولد إن كان لا يجوز نفيه، فالمنع من القذف واللعان لماذا؟ وقد علمنا أن القذف جائز حيث لا ولد، وذكرنا اختلافاً في جواز القذف حيث لا حدّ، ولا تعزير، فالمنع من القذف واللعان في هذا المقام بعيد عن القياس.
٩٦٢٤ - ونحن نُجري (٣) بعد هذا شيئين- أحدهما - أن ما ذكره الأصحاب جرى منهم على وفاق؛ من حيث حصروا نظرهم، وردّوا فكرهم إلى الولد، ثم أجْرَوْا نفيَ القذف واللعان على مقصودهم، فالمرأةُ (٤) لا تُقذف، ولا يُلاعِن لينفيَ الولد، فإن كان كذلك، فالأمر منتظم.
فإن أرادوا (٥) بهذا أنه إذا لحق النسبُ، فلا سبيل إلى اللعان، فلست أرى لهذا
(١) (ت ٢): لستة أشهر فصاعداً.
(٢) في النسختين، ولا يرجح.
(٣) في الأصل: " نُخمّن " بكل وضوح: نون، فخاء، فميمٌ مشدّدة، فنون. والمثبت من (ت٢).
(٤) في الأصل: " فالمراد " والمثبت من (ت ٢).
(٥) في الأصل، وكذا في (ت ٢): " فأرادوا " والمثبت تقدير منا صدقته (صفوة المذهب).