كلامٌ في النكول (١) عن هذه الأيمان؛ من حيث إنها تجري من غير طلب من الخصم فيها (٢)، وستأتي أحكامها مشروحة، إن شاء الله عز وجل.
٩٦٦٢ - وإذا أقمنا حدَّ القذفِ على الزوج، فقال: أنا ألْتعن، لم يُمَكّن. قال الشيخ القفال: لم يَفْصِل الأحاب في هذا بين أن يكون ثَمّ ولد وبين ألا يكون.
والصواب عندي (٣) أن نقول: إن لم يكن ولد، فالجواب كذلك؛ فإنه لا فائدةَ في اللعان بعد إظهار تكذيبه بإقامة الحد عليه، فأما إذا كان ثَمّ ولد، فالوجه أن يلاعن وإن أقيم الحد عليه.
فحصل إذاً في هذا الطريق (٤) نقلُ القفال عن الأصحاب أنه لا يلاعن، ووجهُه أن القذف سقط أثره بإقامة الحد، فكأن الزوج بعد (٥) الحد ليس قاذفاً، والقذف لا بد منه في نفي الولد، كما سيأتي شرح ذلك، إن شاء الله عز وجل.
وأختارُ (٦) أن يلاعن؛ لظهور الغرض في نفي النسب، والقذفُ وإن أقيمت عقوبتُه كائنٌ، ولو قيل: تأكد القذف بالحد لم يكن بعيداً، فإن الذي يلاعن يُخرج نفسه عن كونه قاذفاً.
ثم ذكر الشافعي رحمه الله بعد هذا القذفَ في النكاح الفاسد، والتفصيلَ فيه إذا كان ولد أو لم يكن، وتعرض لمحاجّة أبي حنيفة، وذكر بعده الردَّ عليه في لعان الذمي والعبد، وقد تقدم جميع هذا.
(١) في الأصل: النزول.
(٢) في الأصل: منها.
(٣) عندي: القائل هو القفال، وهذا حكاه عنه الرافعي متابعاً للإمام.
(٤) في الأصل: الطرف.
(٥) ت ٢: بُعَيْد.
(٦) وأختار: يمكن أن تقرأ بهمزة الوصل، فيكون الذي اختار هو القفال الذي فصل الكلام في المسألة، ويمكن أن تقرأ بهمزة القطع، فيكون الذي اختار هو إمام الحرمين. وهذا ما رجحته، لأنه الأقرب لأسلوب الإمام عندما ينقل أو يتحدث عن شيوخ المذهب، فإنه لا يتحدث بضمير الغائب، وإنما يذكرهم بألقابهم وكناهم وأسمائهم. ثم ساعدني على ذلك ما وجدته عند الرافعي، إذ قال: إن هذا اختيار الإمام. (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٣٩٢).