فإذا تكلفنا في إقامة هذا اللفظ جعلناه (١) كناية - إذ ليس فيه التعرّض لنسبتها إلى الزنا.
٩٧٠٣ - قال: "ولو قال الرجل لزوجته يا زانية، فقالت: أنت أزنى مني ... إلى آخره" (٢).
هذا منها لا يكون قذفاً صريحاً؛ لأنها لم تعترف بالزنا، حتى يكون قول: أنت أزنى مني إثبات زنا.
وكذلك لو قال رجل لآخر: أنت أزنى من فلان، ولم يُثبت الزنا في حق المشبه به، فلا يكون هذا الذي ذكره قذفاً صريحاً.
ولو قال: فلان زانٍ وأنت أزنى منه، فهذا الذي خاطب به قذفٌ، وقد قذف المشبه به، فيلزمه حدان إذا كانا مُحْصنين؛ فإنه قذفَ شخصين بالكلمتين.
ولو قال: أنت أزنى من فلان، وكان ثبت زنا ذلك المشبّه به ببيّنة، قامت عليه، أو بإقرار، نُظر: فإن كان هذا القائل جاهلاً بزنا فلان المشبهِ به، فالذي صدر منه لا يكون قذفاً؛ فإنه لم يُثبت زنا ذلك الشخص أولاً حتى يكون التشبيه به قذفاً.
ولو كان عالماً بأن فلاناً ثبت عليه الزنا بإقراره أو بالبيّنة. فقال: أنت أزنى من فلان، قال القاضي: هذا الآن قذف منه؛ فإنه شبه المخاطب بمن ثبت عنده زناه، فكان التشبيه مترتباً على علمه.
فإن قيل: إذا لم يعلم زناه أو لم يَثبت زناه، فهلاّ جعل قوله: أنت أزنى من فلان قذفاًً في حق المخاطب ونسبة للمشبه به إلى الزنا؛ فإن من ضرورة المبالغة إثبات الاستواء في الأصل، مع تثبيت مزيّة، ثم يعبر عنه بهمزة المبالغة؟
قلنا: هذا غير سديد؛ فإن الكلام قد يجري على غير هذا النسق، وإن كان الكلام القويم (٣) يقتضي التسوية في الأصل، والتعرضُ بعد التسوية للمبالغة وإثبات
(١) زيادة من المحقق.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ١٧٥.
(٣) في الأصل: القديم.