وهذا كلام سخيف؛ فإن التعرض للزنا لا يجوز أن يُحمَلَ على العلم بالزنا، ولو جاز هذا، لجاز أن يقال: إذا قال: أنت أزنى من فلان وكان عَلِمه زانياً، فلا يكون ذلك قذفاًً؛ حملاً على العلم، فلا تعلق فيما ذكره.
والوجهُ أن نقول: لما ذكر الناس وليسوا زناة، فقد اعتنى بالتشبيه بالجنس، وليس يتحقق من الجنس الزنا، وإنما يتحقق من آحادهم، والآحاد من الناس ليسوا بالناس، والإشكال مع هذا قائم، ولم أر في ذلك خلافاًً للأصحاب.
وغايتنا التثبت في النقل والإشارة إلى الإشكال ووجوه الاحتمال، فإن فاتنا نقلٌ نحرص على أن نذكر جهات الإمكان (١)، والله المستعان وعليه التكلان.
فصل
قال: " ولو قال لها: يا زانِ، كان قذفاًً ... إلى آخره " (٢).
٩٧٠٥ - إذا قال لامرأة أو لزوجته: يا زانِ، فحذف ما يقتضيه النظم من (هاء) التأنيث، فالذي جاء به قذف (٣). والصيغةُ مختلفة أو لحن - إن كان لا ينقدح لحذف علامة التأنيث سبب.
والمرأة إذا قالت للرجل: يا زانية، فأتت بالهاء في خطاب من يُذكَّر، فهي قاذفة، ووافق أبو حنيفة (٤) في الصورة الأولى، وخالف في الصورة الثانية والمسألة مشهورة معه.
ومما يُجريه الفقهاء أن حذف الهاء محمول على مذهب الترخيم في مثل قول القائل في (عزّة) يا (عزّ) و (بثينة) يا (بثين) على اختلاف المذهبين في رفع الحرف الأخير ونصبه بعد الترخيم.
(١) في الأصل: جهات (الأمر كان) وهو من طرائف التصحيف.
(٢) ر. المختصر: ٤/ ١٧٦.
(٣) في الأصل: وقذف.
(٤) ر. مختصر الطحاوي: ٢٦٨، تحفة الفقهاء: ٣/ ١٤٤، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية ٣/ ٤٧٦، مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٥١٦ مسألة ١٠٦٧.