ولكن في المقدار المقضي كلام ذَهِلَ (١) عنه معظم الأصحاب.
ثم في كيفية القضاء تفصيلٌ، لا بد من الاطلاع عليه، وقد اتفق لبعض ذوي الفطن من المختلفين إليَّ فِكرٌ غائصة في جهات الاحتمالات، وعرضَها عليَّ، فارتضيتها، ولم أعثر على زللِ فيها، ولا بدّ من إيداعها هذا المذهب (٢).
وحق الناظر في هذا الفصل أن ينعم النظر ويتئد، ويعلم أن شفاء الصدور يحصل عند الفراغ من الفصل.
وأنا استفتح القول فيها، ثم أرقى في مسالك الاحتمالات شيئاً شيئاً، ثم ما يتأخر في مساق الكلام قد يَرْفع ما تقدّم، حتى يستقر الغرض في المنقَرَض، وسبيل التعليم فيما يتلقى من الاحتمالات يقتضي هذا التدريج.
٥٢٩ - فلتقع البداية بما ذكره الأصحاب عن أبي زيد، قالوا: المتحيرة تؤدي كلَّ صلاة في وقتها، ثم تقضيها لاحتمال وقوع الصلاة المؤدّاة في الحيض، مع (٣) اتفاق انقطاع الحيض في آخر الوقت. والحائض إذا انقطعت حيضتها في آخر الوقت؛ فإنها تلتزم الصلاة على ما سنقرر ذلك في كتاب الصلاة، في أوقات أصحاب الضرورات - إن شاء الله تعالى.
ثم قالوا: إذا صلت الظهر والعصر في وقتيهما، ثم غربت الشمس، وقد كانت اغتسلت لكل صلاة مؤدّاة في وقتها، فإن اغتسلت، وصلّت المغربَ، فرضَ الوقت، كفاها ذلك الغسل في قضاء الظهر والعصر، ولكنها تتوضأ لكل فريضة تقضيها لاستمرار الاستحاضة، كما ذكرناه في أحكام المستحاضات.
وسببُ الاقتصار على غسلِ في هذه الصورة أن سبب وجوب الغسل احتمال الانقطاع، وهذا بعينه سببُ إيجاب قضاء الظهر والعصر؛ فإن انقطع الدم قبيل
(١) ذهل من باب: تعب، وتأتي أيضاً من باب: قطع. والأصل فيه اللزوم، ويتعدى بالهمزة: أذهله. وقد يتعدى بنفسه " المصباح والمعجم والمختار ".
(٢) المذهب: المراد به هنا هو هذا الكتاب: نهاية المطلب، وبهذا سماه الإمام في المقدمة.
(٣) ساقطة من (ت ١).