وهذا واقع في المعنى، فإذاً دعوى الاستبراء بعد جريان الوطء كدعوى الاستبراء في النكاح.
ومن هذا المنتهى نقول: النسب على هذا الوجه تعرض للثبوت، ولا يتصور تقدير نفيه بدعوى الاستبراء على الرأي الذي أظهرناه، فنُجري فيه القولَ القديم المحكي عن أبي عبد الله (١) في أن النسب في ملك اليمين ينفى باللعان، ونحن نعلم أن النسب إذا أمكن نفيه بجهةٍ سوى اللعان لا ينتفي باللعان.
٩٧٦١ - ومما ذكره الأصحاب أن المولى إذا اعترف بالوطء، فأتت الأمة بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الوطء المعترف به، فهل يلحق بالنسب؟ ذكروا وجهين مرسلين، والوجه فيه عندنا أنا إذا قلنا: النسب ينتفي بدعوى الاستبراء، فينتفي في هذا المقام، بل هو بالانتفاء أولى؛ فإنا على قطعٍ نعلم أن الولد الذي أتت به لأكثرَ من أربع سنين بعد الوطء، ليس من الوطء، وهذا القطع لا يحصل بالاستبراء، فإن الحامل قد ترى دماً، فسبيل ذكر هذين الوجهين أن نقول:
إن حكمنا بأن دعوى الاستبراء تقطع أثر الاعتراف بالوطء، فالإتيان بالولد لأكثرَ من أربع سنين بذلك أولى.
وإن قلنا: دعوى الاستبراء لا تقطع أثر الاعتراف، فإذا أتت بالولد لأكثر من أربع سنين، لحق الولد، كما لو أتت المرأة بولد لأكثرَ من أربع سنين من وقت النكاح مع الإمكان.
ثم على هذا لا بد من إجراء قول اللعان.
وإذا قلنا: لا حاجة إلى الإقرار بوطء جديد بعد أُميّة الولد في سائر الأولاد فأنسابهم لا ينفيه (٢) إلا اللعان.
فهذا وجه إجراء اللعان في نسب ملك اليمين.
(١) المراد هنا: الشافعي، وليس مالكاً. كما هو واضح.
(٢) الضمير المذكر هنا على معنى المفرد (النسب).