طلقها، لم يقتض الطلاقُ عدة مبتدأة. فإن قيل: فأنزلوها منزلة الرجعية (١) تنكِح؛
فإن العدة الأولى انقطعت بالنكاح الجديد (٢).
قلنا: هذا قياس لا ينكر، ولكن فيه أمر لا سبيل إلى التزامه واقتحامه، وهو أنه لو وطئها في النكاح الأول (٣)، ثم طلقها، فلا بد من الاستبراء بالعدة، فلو نكحها على مكانتها، ثم طلقها، فلو نكحت، لكانت مشغولة الرحم بالوطء الجاري في النكاح الأول.
ثم لو قال قائل: فاكتفوا باستبرائها بحيضة. قلنا: الأصول لا تغيّر لآحاد المسائل، وقد وضع الشرع استبراء المطلقات بثلاثة أقراء، فلا حطّ من هذا المنتهى بعَوْد المختلعة إذا طلقت إلى بقية العدة، لما ذكرناه.
٩٨٢٢ - ثم إن الشافعي ذكر القولين " في أن الرجعية إذا طلقت من غير مسيس بين الرجعة والطلاق الثاني، فهل تستأنف عدة أو تبني؟
ثم قال: من قال تستأنف، لزمه أن يقول: لو لم يرتجعها، وطلّقها في العدة تستأنف عدة جديدة، فلا يُكتفى ببقية العدة ".
فاختلف أصحابنا في هذا اللفظ: فمنهم من جعله احتجاجاً، ومنهم من جعله تفريعاً، وبيان ذلك أن من يجري في الاحتجاج لمذهب قد يذكر شيئاًً -لا يجوز أن يُعتَقدَ- إلزاماً، فقول الشافعي محمول على هذا المحمل.
ومن حمل هذا على التفريع -وقوله أظهر- قال: لا يليق بالشافعي: الاحتجاج بهذا مع وضوح الفرق؛ فإن الرجعية إذا ارتجعها زوجها، انقطعت العدة بالرجعة، وعادت منكوحة كما كانت من قبل، فاتجه أن يقال: الطلاق الثاني يلحق منكوحةً ممسوسة، فقد بطلت العدة، وقد نُبطل مدّةً شرعية بطريان طارىء، وإذا زال تستأنف مدة أخرى، كما ذكرناه في مدة الإيلاء إذا طرأ عليها طلاقٌ أو ردّة، ثم ارتجعت
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) أي كأنها انقضت.
(٣) في الأصل: الأولي.