ثابتاً والخلاف راجعاً إلى صفته، ولا يبعد تقدير خلاف إذا كان أصل الإذن متنازعاً فيه، بناء على ما لو فرض نزاع بين المالك وبين صاحب اليد في الإعارة، وقد قدمنا ذلك في كتاب العاريّة، والأصل تصديقُ من ينكر أصلَ الإذن، ثَمّ وهاهنا.
فصل
قال: " وتنتوي البدوية حيث ينتوي أهلها ... إلى آخره " (١).
٩٨٧١ - البدوية إذا مات عنها زوجها أو طلقها، وكانت بين قوم سيّارة ينتجعون ويتبعون مواقع القَطْر، (٢) لا يَلزمون مكاناً واحداً، فإنها تنتقل معهم حيث انتقلوا، وتعتد على انتقالها، وذلك في حقها بمثابة لزوم مسكن النكاح في حق الحضرية.
وإن كانت بين قوم لزموا موضعاً لا يظعنون عنه شتاء، ولا صيفاً، فإنها تلزم لزومها ولا تخرج، كما لا تفارق الحضرية مسكن النكاح.
وسر هذا الفصل أن انتقالها معهم لا يكون كلزوم مسكن النكاح، حيث يُفرض (٣) للنكاح مسكنٌ في موضع إقامة، ودليل ذلك أنها لو انتهت في ممرها إلى قريةٍ وأرادت أن تقيم بها، جاز، وليس لها الانتقال من مسكن النكاح إلى غيره، فلا يعتقِدَنَّ الفقيه أن مسايرتَهم تلزمُها، ولكن يجوز لها اختيارُ مسايرتهم، حتى لا تستوحش بمفارقتهم، وإلا فليس الكَوْنُ معهم لزومَ موضعٍ، فيلزمَ.
وليس هذا كما لو خرجت لتنتقل؛ حيث يثبت لها الانتقال، فلو لحقها الطلاق في الطريق، فأرادت أن تمكث في بلدة في وسط الطريق لتنقضيَ عدتُها، لم يكن لها ذلك، فإنها خرجت عن مسكن بانيةً أمرَها على مسكن آخر، فقد لحقها الطلاق على حالة، فتلزمها، وتلك الحالة تُفْضي إلى محل انتقالٍ وتوطّن.
وأحوال البادية لا تنتهي إلى توطُّنٍ قط، وكل ذلك متفق عليه منصوص للأصحاب.
(١) ر. المختصر: ٥/ ٣٣.
(٢) في الأصل: النظر.
(٣) في الأصل: يفوّض.