أراد رضي الله عنه بما ذكر أن المرأة لو آثرت تزيين منزلها بالفرش، وكلفت خدمها تنقيته من الأذى، وأمرتهم بأن يأخذوا زينتهم، فلا بأس بشيء من ذلك، وإنما الإحداد يتعلق ببدن المرأة. والغرضُ الظاهر ألا تتزين للرجال بما يُشوِّف الرجال إليها لو رمقوها، ثم هذا يتعلق بالملابس واجتناب الطيب، فلو لبست ثوب زينة، كانت تاركةً للإحداد
٩٨٧٨ - ونحن نذكر الآن تفصيل القول في الثياب: والنظرُ فيه ينقسم: فيقع في الجنس، وفي اللون.
أما الجنس، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنها لا تلبس ثياب الإبرَيْسم كيف فرضت، وتكون وهي مُحدّة بمثابة الرجل في اجتناب لبس الحرير، وقد ذكرنا ذلك في مواضع من الكتاب.
وقال العراقيون: لها أن تلبس (١) الحرير إذا لم يكن مصبوغاً، واعتلوا بأن الحرير في حقها بمثابة سائر الثياب في حق الرجال، والأفقه ما ذكره المراوزة، فإنهن خُصّصن بلبس الحرير؛ لأنهن بمحل التزين للرجال، وهن في الإحداد ممنوعات عن التزين، فليرتفع ما خصّصن به للزينة.
ثم قال الأئمة: يحرم عليهن استعمال الحلي، ولم أر للعراقيين فيه ذكراً، والأليق بقياسهم التحريم؛ فإن الملابس لا بد منها، والحلي لا تستعمل إلا زينةً. وما عندي أن التختم يحرُم عليهن، وهو حلال للرجال. نعم، يمنعن من التختم بخاتم الذهب؛ فإن ذلك مما خُصصن به زينةً لهن.
فأما ما عدا الإبرَيْسم من أجناس الثياب، فلا يحرم عليهن لُبسه في زمان الإحداد، كالكتان والقطن، والخَزّ إن لم يكن من الحرير، وكل ما يحل للرجال لُبسه في الرفاهية من أجناس الثياب، فلا يحرم على المُحِدّة لُبسه.
هذا قولنا فيما يتعلق بأجناس الثياب.
(١) في الأصل: تمسّ.