ثم قال الأصحاب: إذا نكحت، صارت ناشزة على الزوج، وسقطت نفقتها، وهذا الذي ذكره الأصحاب بيّنٌ إذا برزت عن مسكن النكاح.
فأما إذا جرى النكاح، ومضت أيام قبل اتفاق الزفاف وجريانِ الخروج من مسكن النكاح، فظاهر كلام الأصحاب أنها تكون ناشزة، وقد يتطرق إلى نظر الفقيه في هذا احتمالٌ، كما قدمته في التفريع على القول القديم عند خوضها في عدة الوفاة وتجريدها القصدَ إليها.
وسقوطُ النفقة بالنكاح المجرد تفريعاً على الجديد أَوْجَه؛ إذ قد صار إلى تصحيح هذا النكاح عمرُ بنُ الخطاب، ثم طوائفُ من العلماء بعده، والنكاح أمرٌ أنشىء وظهر، وليس كالتربص على قصد الاعتداد.
فهذا ما أردناه نقلاً وتنبيهاً.
فلو فُرِّق بينها وبين الزوج الثاني، وعادت إلى ملازمة حكم الزوج الأول، فهل تعود نفقتُها قبل أن يبلغ الخبر زوجَها الأول، فعلى قولين سيأتي ذكرهما في كتاب النفقات -إن شاء الله- في كل نشوز يجري في غيبة الزوج، ثم يفرض تركه والعَوْدُ إلى الطاعة قبل بلوغ الخبر، إن شاء الله.
٩٩٣٤ - ثم قال الأصحاب: إذا نكحت والتفريعُ على الجديد، فأتت عن الزوج الثاني بولد، فالكلام في إلحاقه بالأول أو بالثاني وفي تردده بينهما على حسب ما تقدم الرمز إليه فيما سبق، واستقصاؤه في باب القائف، إن شاء الله.
ثم الزوج الأول يعود، ونكاحه قائم، ويحال بين الزوجة والزوج الثاني، غيرَ أنها تعتد عن الزوج الثاني في صلب نكاح الأول عدةَ الشبهة، وفي ابتدائها القولان المقدمان: أحدهما - أنها من آخر وطأة. والثاني - أنها من وقت الافتراق.
ولو كانت أتت بولد، فلحق بالثاني، وكان يحتاج إلى اللِّبأ (١)، الذي لا يعيش الرُّضَّع إلا به، فلا بد من تمكينها من ذلك، وإن لم نجد مرضعاً ذاتَ لبنٍ غيرَها، وكان الولد لو فطم، لهلك وضاع، فلا مَحال بينه وبينها، ثم نفقتُها ساقطةٌ في مدة
(١) اللِّبأ: وزان عنب أول اللبن عند الولادة.