حيضتين أو حِيَض دالّة على البراءة، فيجري الطهر الواحد معتداً به بشرط أن ينضم إليه حيض كامل.
وهذا وإن كان مشهوراً -ذكره الشيخ أبو علي أنه (١) المذهب- فيحتمل أن يكون الطعن في الحيض يخرجها عن الاستبراء، وهذا هو القياس، على القول الذي نفرع عليه.
ولست فيه على ذِكر احتمالٍ مجرد، بل في كلام الأصحاب ما يدل عليه؛ فإنّ الحيضة إن كانت (٢) هي المعتبرة، فهذا تفريعٌ على أن الاستبراء بالحيض، وإن كان المعتبر الطهر، فيجب الاكتفاء بالطعن في الحيض، لاستبانة انقضاء الطهر، ومحال أن يقع آخرُ التربص معدوداً من التربص. نعم، قد يقع هذا في الأول من حيث أنا ننتظر بعده ما تعتد به.
ويتجه على هذا تردُّدٌ في أن الطعن في الحيض باللحظة الواحدة هل يكفي، أم لا بد من مُضي أقل الحيض استظهاراً، ليُعلَم أن ما رأته ليس دمَ فساد، وهذا قد قدمنا له في كتاب العدة نظيراً.
هذا تفصيلُ القول فيه إذا جرى موجِب الاستبراء في الجزء الأخير من الحيض، ووقع الطهر الكامل بعده.
٩٩٣٨ - فأما إذا جرى موجِب الاستبراء في أثناء الطهر، والتفريع على أن الاستبراء بالطهر، فالذي ذهب إليه المحققون من الأئمة أن بعض الطهر طهر، كما أن بعض الطهر في العدة طهرٌ، ويعود الكلام إلى أن الطعن في الحيض هل يكفي، أم لا بد من مضي الحيضة الكاملة؟ وقد قدمنا ذلك في الصورة المتقدمة على هذه.
ومن أصحابنا من قال: بعض الطهر لا يقع الاعتداد به على القول الذي نفرع عليه، بل نقول: لا احتساب بالبقية، فتحيض، ثم تطهر طهراً كاملاً، ثم تحيض، وهذا أورده المعلِّقون عن القاضي.
(١) في الأصل: "من" وسوغ لنا هذا التغيير الحكمُ بالضعف على مقابله. (ر. روضة الطالبين: ٨/ ٤٢٥).
(٢) في الأصل: وإن كانت.