٥٦٣ - وأما قراءة القرآن، فقد ذكرنا قولاً بعيداً، أن الحائض تقرأ القرآن (١)، وهو على بعده يتجه في المتحيرة؛ فإنه لا نهاية لعذرها.
والذي ينقدح لي فيها أنها تقرأ في الصلاة ما شاءت؛ فإنها مأمورة بالصلاة، ولا تصح الصلاة من غير قراءة.
ومن منع الحائض من قراءة القرآن، فقد ينقدح على طريقه أنها تقتصر على قراءة الفاتحة في الصلاة؛ فإن الضرورة تتحقق في هذا القدر دون غيره.
والظاهر عندي أنها تتنفل بلا حَظْرٍ ولا حجر، كما يتنفل المتيمم، وإن كان التيمم طهارةَ ضرورةٍ.
ويُحتمل أن تُمنع من النافلة لاحتمال الحيض، كما تمنع من قراءة القرآن في غير الصلاة.
والتيمم وإن كان لا يرفع الحدث، فهو على الجملة يؤثر في رفع منعه. والصلاة تحرم في الحيض، كما تجب في الطهر، فهذه احتمالات متعارضات، لا نَقْلَ عندنا في معظمها، ونصّ أصحابنا في الطرق على أنها تتنفل، كما تتنفل المستحاضات في زمان الاستحاضة.
وما ذكرتُه احتمال ظاهر، وإن لم أنقله، اعتباراً بقراءة القرآن.
وإذا جوزنا للحائض قراءة القرآن (٢) لكيلا تنسى، فيظهر أن تُمنع من القراءة، لا لهذا الغرض: مثل أنها كانت تكرر سورة الفاتحة، أو الإخلاص، على ما يعتاد بعضُ الناس ذلك.
وقد يقول قائل: إذا جاز لها قراءة سورة، جاز قراءة كل سورة، والعلم عند الله.
٥٦٤ - ومما يتعلق بما نحن فيه أنا وإن بالغنا في التشديد عليها، فلا نُطرِّق إليها احتمالات التلفيق حتى نقول: هي ممن تحيض يوماًً وتطهر يوماًً.
ونحن نقول: في قولٍ النقاء بين الدمين طهر. فلو فرّع مفرع على هذا القول،
(١) زيادة من: (ت ١)، (ل).
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ل).