وهذا عندي يُخرَّج على أصلٍ، وهو أن من باع الجارية ووقع التفريع على زوال ملكه، وكان الخيار ثابتاً للبائع، فهل يحل الإقدام على وطء الجارية؟ فيه كلام قدمناه في أول البيع، والمذهب الأصح أنه يحلّ للبائع وطؤها، ثم يقع الوطء فسخاً.
وذهب بعض أئمة المذهب إلى أن الإقدام على الوطء لا يحل، ولست أعيد تلك التفاصيل.
والغرض مما ذكرناه أنا إن حكمنا بأن الوطء يحرم على البائع، فإذا فسخ البيع، لم يمتنع وجوب الاستبراء عليه لمكان تجددِ الملك وترتبِه على تحريم الوطء.
فأما إذا حكمنا بأن الوطء مباح للبائع لوقوعه (١) فسخاً، فهذا يخرج على أصل مقصود في نفسه، وهو أن من نكح جارية واشتراها، ففي وجوب الاستبراء عليه خلاف، والأصح أنه لا يجب؛ لأنه نقلها من حلٍّ إلى حل. ومن أصحابنا من أوجب الاستبراء؛ نظراً إلى تجدد الملك، ثم إلى اختلاف الجهة.
ونقول بعد ذلك: إذا فسخ البائع البيع، فهذا يترتب على الخلاف الذي ذكرناه في شراء المزوّجة، فإن لم نوجب على الزوج الاستبراء، لم نوجبه على البائع إذا فسخ؛ فانتفاء الاستبراء في حقه أولى.
وإن أوجبنا الاستبراء على الزوج إذا اشترى زوجته، ففي البائع إذا فسخ -والتفريع على أنها مستحلةٌ له قبل الفسخ- وجهان مبنيان على المعنيين اللذين أشرنا إليهما في مسألة الزوج: فإن اعتمدنا النقلَ من جهة إلى جهة، فلا استبراء على البائع؛ فإنه نقلها من ملك إلى ملك، وإن اعتبرنا ثَمَّ تجدد الملك، فهذا المعنى متحقق في البائع.
هذا منتهى كلامنا في إيضاح تجدد الملك على الرقبة وبيان اقتضائه للاستبراء.
٩٩٧٦ - ومما يتعلق بموجبات الاستبراء أن الرجل إذا كاتب جاريته، ثم إنها عجزت ورَقَّت أو أرقت نفسها اختياراً، فقد أجمع الأصحاب على أنه يجب على السيد أن يستبرئها وإن لم يزل ملكه عن الرقبة بالكتابة، والسبب فيه أن الكتابة أثبتت لها حق الاستقلال، حتى إنها تُعامِل سيدَها معاملةَ الحرائر، ولو وطئت، فالمهر لها، فإذا
(١) في الأصل: لو نزعه فسخاً.