تفاصيلَ أوضحناها أن الانعزال شرط في الاعتداد بالعدة.
ثم إذا وطىء الجاريةَ وهي في أثناء الحيضة، فعلقت، فإن كان مضى من الحيض يوم وليلة، فالذي نراه أن الاستبراء تَمَّ، وإن كان يغلب على الظن أن الحيض انقطع بسبب العلوق؛ فإن الذي مضى حيض تامٌّ، فلا نظر إلى السبب الذي أوجب انقطاعه، وفائدة ما ذكرناه أنه يستحلّ وطأها في زمن الحمل، وقد انقضى الاستبراء.
ولو لم يمضِ من الحيض يوم وليلة، فوطئها، فعلقت، واحتبس الحيض بسبب العلوق فيما يظن، فلا يعتد بما مضى من الدم؛ فإنه أقل من الأقل، والاستبراء إنما يقع بحيضٍ تام.
ونقول في مثل هذه الصورة: لو كانت تركت الصلاة، فهي مأمورة بإعادتها، وإن كنا نظن أن سبب احتباس الحيض العلوقُ؛ فإن هذه الأمور مظنونة، ونظرُنا إلى مقدار الدم، وأسبابُ الاحتباس مغيّبة (١) لا تُحيط العلومُ بها، فخرج من ذلك أن الاستبراء فيها (٢) إذا وضعت هذا الحمل. والذي أراه أن وضع الحمل استبراء؛ فإن هذا لا ينقص عن (٣) حيضة، والعلم عند الله.
٩٩٨٧ - وقد جمعنا في الزوائد كلاماً لابن الحداد في الاستبراء، وقد فَضَضْنا (٤) جميعه على القواعد، ولم يَشذّ منه إلا فرعان لا يتعلقان بالاستبراء:
أحدهما - أن من نكح أَمةً ثم اشتراها، ووقع الحكم بانفساخ النكاح، فمضت ستةُ أشهر من وقت الانفساخ، وأتت الجارية بولد يمكن أن يكون العلوق به من النكاح، فالولد يلحق السيد الذي كان زوجاً، وإن لم يوجد منه إقرار بالوطء في ملك اليمين؛ وذلك أن النسب يلحق بإمكان العلوق من النكاح، والمملوكة لا تنحط عن البائنة، ولو أبان الرجل زوجته، فأتت بولد لزمانٍ يحتمل أن يكون العلوق به من النكاح، للحق النسبُ لا محالة، ثم إذا لحقه النسب، لم تصر الجارية أم ولد له؛ لأنه لم
(١) في الأصل: معيّنة.
(٢) في الأصل: فيما.
(٣) في الأصل: من.
(٤) في الأصل: قصصنا.