غيرُ ممسوسة، فنذكر ما تغرَمُه المرضعةُ إذا أفسدت نكاحاً قبل المسيس، ثم نذكر حكم الغرم إذا أفسدت نكاحاً بعد المسيس.
فأما التفصيل فيما قبل الدخول، فالذي نصّ عليه الشافعي أن المرضعةَ تغرَم نصف مهر المثلِ قبل الدخول، ونص على أن الشهود إذا شهدوا على الطلاق قبل الدخول، ورجعوا عن الشهادة، بعد نفوذ الحكم، غرِموا تمامَ مهر المثل.
واختلف أصحابنا في النصين: فمنهم من قال: فيهما قولان بالنقل والتخريج: أحد القولين- أن الواجب نصف مهر المثل على المرضعة والشهود، إذا كان الفَرْض (١) قبل الدخول؛ لأن الملك إذا لم يتأكد بالدخول، كان العوض (٢) فيه على حده، ويعرف عدم تأكده بعدم تأكد عوضه؛ فإن الصداق المسمى لا يستقر منه قبل المسيس إلا شطره إذا كان الفراق بالطلاق.
والقول الثاني - أنه يجب على المرضعة والشهودِ مهرُ المثل، فإن التفويت قد تحقق في ملكٍ تام لا نقصان فيه، ولولا تمامُه، لما انتظم الإقدام على الوطء، ولو فرض موتٌ قبل الدخول، كان كما لو فرض بعده.
١٠٠٢٢ - ومن أصحابنا من أقر النصين قرارهما، وقال: على المرضعة نصفُ مهر المثل قبل المسيس، وعلى الشهود إذا رجعوا تمامُ مهر المثل. والفرق أن المرضعة قطعت النكاح بالإرضاع، فقرب تشبيه ما تلتزمه من قيمة البضع بما يلتزمه الزوج من المسمّى إذا طلق قبل الدخول.
والشهود لم يقطعوا النكاح باطناً، وإنما أثبتوا حيلولةً لا مطمع في رفعها، والنكاح على زعمهم دائم والطَّلِبة بتمام المسمى متوجهة على الزوج، مع دوام النكاح قبل المسيس.
ومن أصحابنا من أقر النص في الشهود، ولم يخرّج فيهم من المرضعة (٣) قولاً، وخرّج في المرضعة قولاً أنها تلتزم تمام مهر المثل.
(١) في الأصل: الغرض.
(٢) في الأصل: الغرض.
(٣) أي لا يخرّج في الشهود قول نصف الصداق من القول الوارد في المرضعة.