الذي عليه نفرّع، والزوجة لا تجد خادمة متبرعةً بالخدمة، ففي إسقاط حقها تعطيلُ الخدمة في الأمور الخفية.
١٠٠٩٢ - فأما القول في الأُدْم، فقد قال الشافعي: " لزوجة المعسر كلَّ يومٍ مكيلةُ زيتٍ أو سمن " (١) ولم يختلف علماؤنا في أن الأُدم ليس يتقدّر، وذلك أنا اعتمدنا في تقدير القوت ما وجدناه في أصل الشرع في المُدّ والمدين، ثم سلكنا مسالك في التقريب بينهما، فأما الأُدم، فلسنا نجد له أصلاً في الشرع مقدّراً.
والأُدم ثابتٌ مستحَقٌّ للزوجة، فلا سبيل إلى التقدير، ولكن أمره مبني على ما يكفي أُدماً لمدٍّ، وإن كانت النفقة مدّين، فما يكفي أُدماً لمدين، ولا شك أن الأُدم على الموسر يزداد استحقاقاً؛ على حسب ازدياد القوت، فإذاً الأدم تابع للقوت.
ثم ذكر الشافعي المكيلةَ والمكيلتين، والمكيلةُ مجهولة، وإنما أراد تقريباًً، وقد يُلفَى له ذكر الأوقية والأوقيتين، والأمر في ذلك مرتبط بما ذكرناه.
هذا كلامه في تقريب مقدار الأُدم.
وأما الجنس، فقد ذكر الشافعي الزيت أو السمن، ولم يعين جنساً تعيين إيجاب، ولكن الأُدم الغالب في كل موضع يُرْعى.
ثم إن تبرمت المرأة بالزيت والسمن، وأرادت جنساً آخر قيمته كقيمة ما يغلب أُدماً، فهذا فيه تردد بيّن: يجوز أن يقال: الرجوع في هذا إلى الزوج، ثم إن أرادت المرأة جنساً آخر، تصرفت بنفسها، أو تصرفت خادمتها لها. وهذا كقول الشافعي: إن أرادت المرأة مزيداً في القوت، زادت من أُدمها في قوتها، وإن أرادت مزيداً في الأُدم زادت من قوتها في أدمها.
ويجوز أن يقال: تعيين الأُدم إليها؛ إذ لا ضرار على الزوج في إسعافها، ويظهر تضررها بالمواظبة على أدم واحد، وقد تتضرر بصرف أدم في أدم.
ويظهر هذا الذي ذكرناه منه إذا لم يكن في البلد أدم غالب، فإن كان في البلد أدم غالب، فقد يخرج فيه وجه أن الرجوع إلى الغالب، ويجري الوجهان المقدمان.
(١) ر. المختصر: ٥/ ٧٠. ونذكّر هنا أن القول في "الأُدم" هو الفصل الرابع في الباب.