ما يليق بأحوالهم منها، حتى إذا فرض مسكنٌ محطوطُ القدر عُدّ الاكتفاء به نُكراً في العرف، وخَرْماً للمروءة.
والذي ينتظم عندنا في هذه الأبواب أن ما يكون إمتاعاً في حقوق الزوجة يجب أن يُرعى فيه منصبها وحالها، وما يكون مبناه على التمليك، فلا فرق فيه بين أن تكون رفيعةً أو خاملة، وإنما يختلف القدر فيه بتوسع الزوج في الثروة أو نقيض هذه الحالة تعلّقا بقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} البقرة: ٢٣٦، وقوله: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الطلاق: ٧، وما أشار إليه العراقيون من التردد في الكُسوة أُدراه مبنياً على أنها إمتاع أو تمليك، والعلم عند الله.
فإذاً لا تمليك في المسكن، ولا في المفارش، وثياب الليل ملتحقةٌ بالفرش؛ إذ يبعد أن يجب عليه تمليكُهَا ثيابَ الليل، ثم يضاجعها في ثيابها، والنفقة والأُدم على التمليك، وفي الكُسوة الخلاف الذي قدمناه.
١٠١٠٨ - ثم قال الشافعي: " على الزوج أن يُهيىء لها عتادها في التزين والتنظف فيشتري لها مشطاً، وما يليق به إن كانت تحتاج إلى مزيد ... إلى آخره " (١).
ثم قال الأئمة: للخادمة أصل النفقة والأُدم تبعاً وأصلاً، كما تقدم، وهي تُمتَّع بالمسكن تمتعَ الزوجة، ولا بد لها مما يدفئها ليلاً على قدرها، وهي محطوطة عن المخدومة، وليس لها آلةُ التنظف كالمشط وغيره، ولها خُفان إن كانت تحتاج إلى الخروج، ثم كُسوتها في التمليك والإمتاع ككسوة الزوجة، وأرى خفَّها في معنى كُسوتها.
وللزوجة المشط والدهن الذي تترجل به، فإن كانت تبغي مزيداً تتزين به كالكحل والطيب، فلا تستحق شيئاًً من ذلك، والأمر فيه مفوّض إلى الزوج، والزوج يجنبها ما يتأذى به إذا تعاطته كالأطعمة التي لها روائحُ كريهة.
ولو كانت تتعاطى من الأطعمة ما يغلب على الظن أنه يُمرضها، فهل للزوج أن يمنعها منه؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - لا يمنعها؛ فإن المرض غيبٌ
(١) ر. المختصر: ٥/ ٧١.