فإن كانت حائلاً، فلا نفقة لها عند الشافعي، والسكنى ثابتة.
وقد صدّر الشافعي الباب بأمر يحسبه الشادي رجوعاً منه إلى الظاهر ووراءه ما يشعر بدَرْك الغايات؛ وذلك أن الفرق من طريق المعنى لا يكاد يتضح بين النفقة وبين السكنى، ولا تعويل على كلام ملفّق للخلافيين، فالاعتمادُ على نصّ القرآن، كما أشار إليه إمام المسلمين رضي الله عنه، فإنه عز من قائل أطلق السكنى، ولم يشترط فيها الحمل، وقال: ({أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ثم لما انتهى البيان إلى النفقة خصص ثبوتها بالحمل، فقال: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} فالوجه إطلاق
ما أطلق وتقييد ما قيد، وإذا لم تكن البائنة حاملاً، فلا نفقة سواء كانت البينونة عن فسخ، أو طلاق، أو فُرقة لعان، وأما السكنى، فقد فصلناها في كتاب العدد، فلا نعيدها.
١٠١٥٣ - وأما إذا كانت حاملاً، فلا يخلو إما أن تكون بينونتها بسبب الطلاق، وإما أن تكون بسبب آخر: فإن كانت البينونة بسبب الطلاق، فلا خلاف أنها تستحق النفقة.
ثم أطلق الأئمة قولين مأخوذين من معاني كلام الشافعي: أحد القولين - أن النفقة تجب للحمل. والقول الثاني - أنها تجب للحامل.
توجيه القولين: من قال: إنها تجب للحمل، احتج بأنها بائنة في ففسها، فلا تستحق النفقة بنفسها، ولم يطرأ إلا الحمل، فلتكن إضافةُ الاستحقاق إليه، وإذا وجبت النفقة بسببه، فالنفقة للحمل إذاً. ثم لا نظر إلى قول من يقول: الحمل يكتفي بالشمة والمقدار النزر؛ فإنه لا يتوصل إليه ما يبقى به إلا بعد اكتفاء الأم، وأيضاًً؛ فإن مؤونة الحمل واجبة، ولو انفصل المولود، فمؤونة الحاضنة واجبة، واستقلالُ الحامل بالحمل لا ينحط عن قيام الحاضنة بحفظ الولد وإرضاعه، والغرض إحالة الوجوب على الحمل.
ولا يتم بيان الفصل إلا بنجازه.
ومن نصر القول الثاني، احتج بأن النفقة لو كانت تجب للحمل، لسقطت بمرور