وبيان ذلك أنه إذا كان يغضُّ (١) المقدارَ النزرَ من كفايته، فقد لا يظهر أثر هذا في يوم، ولكن لو فرض التمادي عليه، لظهر إضراره.
فالذي أراه أنه لو كان يسد جوعته ويستأصل نَهْمتَه، ثم أراد في بعض الأيام أن يقتصر على ما يقع به الإقلالُ في اليوم، ثم يتداركه في غده - أن هذا غيرُ سائغ؛ فإن هذا جزء من الضرر، والغدُ غيب.
ثم يجب أن يُطعَم ما يأتدم به؛ فإن الخبز القفار يحُلّ القوى، والمرعي في الأُدم الأصل الممهّد في نفقة الزوجات، غير أن المرعي في القوت الكفاية فالأُدْم (٢) على قدرها.
والكُسوة واجبة، وقد وَضَحَتْ في مؤن الزوجات، والمطلوب إزالة الضرر، والقيام بالكفاية.
ثم ما يبتني على الكفاية، فلا يشترط التمليك فيه، بل يكفيه أن يقول لقريبه الذي يستحق الإنفاق عليه: كُلْ معي.
١٠١٨٧ - وإذا مضت أيام لم يتفق الإنفاق فيها، سقطت نفقتها، ولم تثبت ديناً بخلاف نفقات الزوجات، فإن ما لا يجب التمليك فيه، وابتنَى على الكفاية، استحال مصيره دَيْناً في الذمة.
هذا أصل المذهب وقاعدته.
ذكر الشيخ أبو علي في شرح التلخيص وجهين في أن نفقة الولد الصغير هل تسقط بمرور الزمان، أم تصير ديناً في ذمة الأب الموسر؟ أحدهما - أنها تسقط، وهذا القياس الحق، وتوجيهه ما أوضحناه من اعتبار الكفاية وسقوط التمليك.
والثاني - أنها تثبت في الذمة، وهذا الوجه على ضعفه موجّه عند الصائر إليه بأن نفقة المولود محمولةٌ على نفقة الزوجية، فإنها من أتباع النكاح، وإن كان المطلوب منها الكفاية، حتى يكون احتباسها مقابلاً بكفاية الزوج إياها لا يسقط بمرور الزمان،
(١) في الأصل: نعص.
(٢) في الأصل: فلازم.