والده، وحقوقه في مال الولد أثبت، ولذلك اختص استحقاقَ الإعفاف من مال ولده، وقال المصطفى صلى الله عليه: " أنت ومالك لأبيك " (١).
والوجه الثالث - أن النفقة مضروبة عليهما لاستوائهما في القرب واتصاف كل واحد منهما بالالتزام عند الانفراد، ثم إذا ضربنا النفقة عليهما، ففي كيفية الضرب وجهان: أحدهما - أنا نسوي بينهما، والثاني - أنا نضرب النفقة عليهما على مقدار استحقاقهما للإرث، وقد تقدم هذا فيما سبق.
فلو (٢) كان في المسألة أمٌ، وابنٌ، فلأصحابنا طريقان: منهم من قطع بأن الابن أولى بالالتزام.
ومنهم من أجرى الابن مع الأم مجرى الابن مع الأب، ثم يعترض في هذا القسم الذي انتهينا إليه صورٌ في القرب والبعد، فيستخرج الفطن مما مهّدناه قبلُ اختلافَ الطرق فيه.
فلو اجتمع الأب وابن الابن، فيعترض في ذلك ما نشير إليه: مَنْ نظر إلى الاستصحاب، وقدم الأب، فلا شك أنه يقدمه هاهنا ومن نظر إلى تأكد الحق على الولد، اعترض له هاهنا اعتبار هذا التأكد في مقابلة اعتبار القرب، فمن راعى التأكد قدّمه على القرب، ومن راعى القرب أو الاستصحاب قدَّم الأب.
ولو فرضنا جداً عالياً وابنَ دِنْية (٣)، فمن اعتبر القربَ أو تأكُّد الحق على الولد، قدم الابن.
(١) حديت: " أنت ومالك لأبيك " رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وابن حبان والطبراني في الصغير والطحاوي في شرح معاني الآثار، والبيهقي في الكبرى (ر. أبو داود: البيوع، باب في الرجل يأكل من مال ولده، ح ٣٥٣٠، ابن ماجه: التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، ح ٢٢٩١، ٢٢٩٢، أحمد: ٢/ ١٧٩، ابن حبان: ح ٤١٠، ٤٢٦٢، المعجم الصغير للطبراني: ١/ ٢٣، ٢٤ رقم ٢، شرح معاني الآثار: ٤/ ١٥٨، السنن الكبرى: ٧/ ٤٨١). وانظر التلخيص: ٣/ ٣٨٣ ح ١٦٧٠.
(٢) في الأصل: ولو.
(٣) دنية: أي قريب لاصق، يقال هو ابن عمي دِنياً ودنياً ودُنيا أي قريب لاصق النسب (المعجم).