شرط أن كون السبع المشلَى (١) ضارياً بالإنسان، ويقل هذا في طباع السباع، ولا يضرَى (٢) منها إلا الكَلِب، فإنه يستأسد (٣) ويستشلَى على كل من كان يُغرَى به، ولست أظن أن الأصحاب ينكرون ما أشرنا إليه.

وقد ذكر القاضي ما ذكرناه على هذا النسق، بعد أن نقل ما نقلته مطلقاً، وذكر كلامه استدراكاً، وليس هذا محلَّ خلاف، ودقةُ النظر في حمل كلام الأصحاب على محملٍ.

١٠٣٠٧ - والذي أراه في ذلك أنهم فصلوا بين المضيق والمتسع، وبنَوْا كلامهم (٤) على أن السباع لا تضرى بالآدمي ضراوة الكلب بالصيد، ولو اعترض لها آدمي في مضيق استشعرت (٥) منه قصداً وتوثّبت (٦) عليه توثُّبَ الدافع، وهذا لا يتحقق في الصحراء، حتى لو صُوّر كلب ضارٍ، كان المضيق والصحراء بمثابة، والدليل عليه أن ما يأخذه الكلب من الصيد ممسَكٌ على صاحبه، ولا فرق بين أن يكون في الصحراء والمضيق لما صحت ضراوتُه بالصيد، فلو وجد مثل هذا في حق الآدمي لاسْتوت (٧). الصحراء والمضيق.

ومما ذكره الأصحاب أن قالوا: لو جمع بين إنسان وبين سَبُعٍ في بيت، فتوثب السبع عليه، وأهلكه، وجب القصاص على من ألقاه في البيت، ولو كان بدل السبع حية أو حيات، فإذا هلك الملقَى بينها بنهشها (٨)، فلا قصاص، وفرقوا بأن السبع

(١) في الأصل: "المثلى".
(٢) في الأصل: "يطرى".
(٣) في الأصل: "سيتأسد".
(٤) في الأصل: "بنى كلامه".
(٥) في الأصل: "استشعر". والمراد السباع لا الكلب.
(٦) في الأصل: "وتوثب".
(٧) في الأصل: "لا تستوي"، وهو مخالف للسياق.
تنبيه: تذكر أن نسخة الأصل وحيدة، فليس ما تراه في الحواشي فروق نسخ، وإنما المثبت في الصلب من عمل المحقق محاولة منه لإقامة العبارة واستكناه الصواب.
(٨) في الأصل: "بينهما بنهشهما".