والقول الثاني - أن الضمان لا يجب تغليباً لمباشرة الآكل، كما ذكرناه، وهذا وإن كان غريباً في الحكاية، فهو متجه في المعنى.
وما ذكرناه فيه إذا قدم الطعام إلى إنسان ودعاه إلى أكله بمقاله أو بقرينة الحال.
فأما إذا أدخل السم في طعام الغير من حيث لا يشعر، فأكله صاحب الطعام، ولم يوجد من الساعي في ذلك تقديم، ولكنه بنى الأمرَ على أنه سيأكل الطعام، فهذا مما اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: هذا بمثابة ما لو قدم الطعام إلى إنسان، ودعاه إلى أكله، ولا يخفى توجيه الطريقين، ثم الأصحاب قطعوا في صورة التقديم بوجوب الضمان، وذكروا القولين في وجوب القصاص، ولم يذكر القولين في الضمان في صورة التقديم إلاّ شيخي.
وكنت أود أن أجمع ُ (١) الأسباب التي لا تتصل فيها الجناية من الجاني بالمجني عليه وأقسمها إلى القوي والضعيف وأوضح ما يتعلق القصاص به، وما يختلف المذهب فيه، وما اتفق تفصيل الضمان فيه (٢).
وسأجمع ما يتعلق القصاصُ به في فصل الإكراه، وأذكر ما يتعلق الضمان به في باب حفر البئر في محل العدوان -إن شاء الله عز وجل- فهذه مسائل ذكرتها في تحقيق العمد، وما يتم به (٣).
١٠٣١٢ - وأنا أختم الفصل بضبطٍ يجري مجرى الترجمة المذكورة، ولا شيء في انتشار المسائل وتعارض الأصول أنفع من اختتام الفصل بالترجمة، فأقول: أما القتل فقد قسمناه إلى الوجء المذفِّف، وإلى ما هو مذفّفٌ يتعلق بالأسباب (٤)، ثم قسمنا الأسباب إلى ما يتعلق بالظاهر، وإلى الجرح الذي يتعلق بالبواطن، ثم ذكرنا بعد ذلك
(١) في الأصل: "أسمع".
(٢) في الأصل: "واتفق تفصيل الضمان".
(٣) في الأصل: "وما يقدم به".
(٤) في الأصل: "الوحى الموقف، وإلى ما يتوقف بتعلق بالأسباب" والمثبت من تصرف المحقق.