قال القفال: لو كانت امرأة تحيض خمسةً، وتطهر خمسة وعشرين يوماً، فرأت خمستها، وانقطع الحيضُ عشر سنين مثلاً، ثم طبَّق الدم، فلا يجوز أن يقال: نردّها إلى (١) مقدار الطهر عشر سنين، إذا فرعنا على الوجه الأصح، وهو أن العادة تثبت بالمرة الواحدة. فإذا لم يسغ هذا، فالسنة (٢) الواحدة في معنى عشر سنين فصاعداً، فما (٣) المنتهى المعتبر في ذلك؟
قال: راجعتُ في ذلك مشايخي، فلم يذكروا ضابطاً، ثم قال: والوجه عندي أن يقال: غايةُ طول الدور تسعون يوماً، الحيض منها ما يتفق، والباقي طهر. واعتبر في ذلك أنّ الشرع جعل عدة الآيسة ثلاثة أشهر، فكانت أقربَ معتبر. فلو كانت تحيض خمسة وتطهر خمسة وعشرين، فحاضت خمسةً، وطهرت خمسة وثمانين، ثم طبق الدم، فتجعل طهرها خمسةً وثمانين، ودورها تسعين. وإن حاضت خمسةً، وطهرت تسعين، فلا يعتبر هذا في الاستحاضة، ولكن نردها إلى الخمسة والعشرين التي كانت تطهر فيها قديماًً.
فإن قيل: هلاّ قلتم: نردُّها إلى خمسة وثمانين، ونطرح الزيادة؟ قلنا: إذا تناهى تباعدُ الحيض، فسبب الاحتباس علة أخرجت الطبيعةَ عن الاعتدال، وجميع أمد التباعد محمول على هذا، فلا نعتبره، ونرجع إلى العادة القديمة.
ولا مزيد على ما ذكره القفال.
ولكن لو تكرر طهرها سنة سنة (٤) مرتين أو مراراً، ففي ردّها إلى ما تكرر احتمالٌ، والظاهر عندي أنه لا تبالي به وإن تكرر. والله أعلم.
وأما مفارقة الدم أول الدور، فإن انضم إليه زيادةُ الطهر، فهو مما يُبنى على الخلاف في المرّة والمرتين.
وإن استأخر مدةً، ثم عاد قدرُ الطهر كما كان، فالنظر عند المحققين إلى المقدار.
(١) في (ت ١)، (ل): في مقدار الطهر إِلى عشر سنين.
(٢) عبارة (ت ١): فالنسبة الواحدة في معنى فصاعداً ....
(٣) في الأصل: في المنتهى.
(٤) مزيدة من (ت ١).