العبد مضمون بالكفارة على مولاه، ولا حاجة إلى الكشف في ذلك، والمرامزُ كافية.
فإن قيل: قد ذكرتم أنه لو جرح من هو مرتد، ثم تغيرت صفته، فصار مضموناً، وسرت الجراحة، فلا ضمان إلا على طريقة العراقيين، وقلتم: في الرمي أَوْجُهٌ على طريق المراوزة؟ قلنا: سبب ذلك أن الجرح جنايةٌ مستقرة؛ فقد ثبتت الجناية ووقعت والمجني عليه هَدَر، ويُظهر الإهدارَ، وإذا رمى، فالجناية لم تقع إلا والمقصود مضمون، فهذا هو الذي أوجب الفرق بين الأصلين.
وكل ما ذكرناه إذا كان المقصود هدراً عند الإرسال مضموناً عند الإصابة.
١٠٣٤٢ - فأما إذا كان الأمر على العكس من هذا، فكان مضموناً عند الإرسال هدراً عند الإصابة، فلا يجب الضمان أصلاً، وذلك مثل أن يرمي مسلماً (١)، فيرتد، فيصيبه السهم مرتداً، أو يرمي ذمياًً، فيصيبه السهم وقد نقض عهده وصار حربياً، فلا شك في انتفاء الضمان في هذه المنازل، والتعليلُ بيّن.
١٠٣٤٣ - فأما إذا أرسل السهم في حالة نقصان الضمان، فأصاب السهمُ في حال كمال الضمان، فالاعتبار بحالة الإصابة باتفاق الأصحاب، وذلك إذا رمى إلى ذمي فأسلم، فأصابه السهم، أو رمى إلى عبدٍ لغيره، فأعتقه مولاه، فأصابه السهم، فالاعتبار بحالة الإصابة؛ فنوجب في مسألة الذمي ديةَ مسلمٍ، وفي العبد إذا أعتق ديةَ حرٍّ لورثته.
وأبو حنيفة (٢) اضطرب مذهبه في أطراف هذا الأصل، فقال: إذا رمى إلى عبد فَعَتَق، ثم أصابه، قال: لا تجب دية حر، وإنما تجب القيمة؛ نظراً إلى حالة الإرسال، ووافق أنه لو رمى إلى (٣) حيٍّ، فمات، فأصابه السهم ميتاً أنه لا يجب شيء، وكذلك قال: لو رمى إلى عبدٍ فانتقصت قيمته، فأصابه السهم، وهو ناقص القيمة، فالاعتبار بحالة الإصابة.
(١) في الأصل: "وذلك يرقى مسلماً" والزيادة والتصويب من المحقق.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء ٥/ ١٥٣ مسألة ٢٢٦٨.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.