فيها، ثم نبيّن أقدار الأروش ومتعلقاتها، ثم نذكر بإرسال المسائل ما يستوجب الغرض.
١٠٤٥٢ - فالشجاج التي وصفناها تتحقق في الرأس، وتجري بجملتها في الجبهة (١) جريانَها في الرأس، وهي جارية في الوجهِ واللِّحيين، وقصبةِ الأنف، وكل ما يصل إلى باطن الفم، ففي ثبوت حكم الجائفة (٢) ومقدارها وجهان: أحدهما - لا يثبت؛ فإن داخل الفم في حكم الظاهر. والثاني - يثبت؛ لأن الأحكام منقسمة في داخل الفم.
والرأي عندي ألا نوجه الوجهين بهذا المسلك، بل نقول: من لم يُثبت حكمَ الجائفة، احتج بأن أرش الجائفة لغَوْرها وغائلتها وعظم أثرها في البنية، ومن قال: يثبت حكم الجائفة، قال: هي مفسدة لحكم طبيعة (٣) الوجه واستتار الغلصمة ومجاري التنفس بالسواتر الخلقية، والجوائفُ مختلفة الأقدار في الآثار، فمنها ما يذفف (٤)، ومنها ما يُدني من الردى، والمقدَّر (٥) واحد.
والقول فيما يصل إلى داخل الأنف، كالقول فيما يصل إلى داخل الفم.
وكان شيخي يُجري خرقَ الأجفان على الخلاف إذا نفد الخرق إلى بيضة العين.
فإن قيل: لم اختصت هذه المقدَّرات بالرأس من جملة البدن؟ قلنا: الرأس والوجه مجتمع المحاسن، فيعظم وقعُ الشجاج فيها في النفوس، ثم لم نقل ما قلنا عن
(١) في الأصل: "الجهة".
(٢) الجائفة: "هي الجراحة الواصلة إلى جوفٍ فيه قوة محيلة، كالبطن وداخل الصدر" كذا عرفها الغزالي. (الوسيط: ٦/ ٣٣٥) وهي ليست من جراحات الوجه والرأس، ولم يسبق للمؤلف تعريفٌ بها، ولكنه أشار هنا إلى أن الجراحة التي في الوجه إذا نفذت إلى داخل الفم، فقد تنازعها اعتباران أو نظران: أينظر إلى جوف الفم، فتعتبر جائفة، أم إلى أنها في الرأس والوجه، فتعتبر من الجراح العشرة.
(٣) في الأصل: "ظنه" بهذا الرسم تماماً.
(٤) كذا قرأنا بصعوبة بالغة، وهي صحيحة إن شاء الله.
(٥) أي المقدّر في جزائها.