النسبة، فذاك، وإن لم يمكن، أجرينا القصاص في قدر الاستيقان، وكففنا عن محل الإشكال.
هذا ما أردناه فيما يتعلق القصاص به.
وإذا نفذت الجراحة في الخد إلى الفم، ولم نرها جائفة، فلا يمتنع إجراء
القصاص فيها على قولنا بإيجاب القصاص من المتلاحمة؛ فإن هذا ينضبط، فله مَردٌّ بيّن، بخلاف المتلاحمة.
ولولا ما بلغني من تشبيب (١) الأصحاب بذكر الخلاف فيه، وإلا لاقتضى القياس القطع بإيجاب القصاص. وسنبين ذلك (٢) في استرسال الكلام في الفصل.
هذا بيان ما أردناه في أصل القصاص.
١٠٤٥٦ - ونحن نفصل الآن القصاص وكيفيةَ إجرائه في الموضِحة: فإذا أوضح رجل رأس رجل، أوضحنا رأس الجاني، والمرعي في الموضِحة الاسمُ والمساحة، فهذان المعتبران هما الأصل، وبينهما في الاعتبار تعيّن المحل، فأما الاسم، فإذا وضح المعظم، فقد تحقق الاسم، واللحمُ المشقوق فوق العظم لا اعتبار به في الموضحة، وتفاوت قدره من الجاني والمجني عليه كتفاوت اليدين في حجمهما عَبالة (٣) ونحافة، فيد العتلّ مقطوعة بيد النحيف (٤)، كذلك شق رأس الجاني، وإن كان لحم رأسه أكثر، هذا هو الذي أجمع الأصحاب عليه.
وحكى العراقيون عن أبي إسحاق المروزي أنه قال: يراعى تساويهما في السمك والعمق، فلا يشق شعيرتين بشعيرة (٥). وهذا غلط صريح، لم أُخل الكتاب عن حكايته، ولا عوْد إليه.
(١) تشبيب: يتردد هذا اللفظ كثيراً في كلام الإمام، وهو هنا بمعنى (التولّع)، الذي يستخدمه الإمام أيضاًً.
(٢) في الأصل: "وسنبين في ذلك".
(٣) في الأصل: "حجمتهما عادة".
(٤) في الأصل: "من النحيف".
(٥) في الأصل: "شعرتين بشعرة".