ثم من أصحابنا من فرض الخِيَرة إلى الجاني حتى يمكَّن من الاقتصاص في أي جانب شاء، وهذا متجهٌ، لا بأس به.
وقد تحصّل أوجهٌ: أحدُها - رد الأمر إلى المقتص (١). والثاني - ردّه إلى المقتص منه، والثالث- اعتبار مبدأ الجناية والذهاب في صوبها إلى الاستيفاء.
ولو كان رأس الشاج أكبرَ من رأس المشجوج، ولكن كان أُوضح من رأس الشاج شيء، والباقي من جلدة رأسه على قدر رأس المشجوج، فإنا نستوفيه برأس المشجوج، ولا خيرة.
ولو استوعب الشاج ناصية المشجوج، وكانت ناصيةُ الشاج أصغرَ من ناصية المشجوج، فالذي ذهب إليه جمهور الأصحاب أنا نكمل مساحة القصاص من سائر أجزاء الرأس.
ومن أصحابنا من قال: يقتصر على الناصية، ونرجع فيما عدمناه إلى حصة من الأرش، وهذا اختيار القاضي، ومأخذه فيما ذكرناه من تعيّن الأجزاء في الإيضاح، فكل جزء في أنه لا يُتعدَّى بمثابة الرأس في أنه لا يتعدى منه إلى غيره.
وقد اتفق أصحابنا في أن رأس الشاج إذا كان أصغر لم يستكمل مقدارُ رأس المشجوج من جبهة الشاج (٢)، لتباين المحلَّين واختلاف الاسمين.
١٠٤٥٨ - ولو أوضح رجل رأسَ رجل وهشمه، جرى القصاص في الموضِحة، ولا قصاص في الهشم، ولا يمتنع عندنا أن يتعلق القصاص ببعض الجناية دون بعض، وسيأتي نظائر ذلك في قطع الأطراف.
ثم ينبغي للمقتص أن يحتاط ويَحْلِق موضع الإيضاح من الجاني، ويستعملَ حديدة حادّة، ولا يُقَصِّر في الاقتصار على القدر المستحَق.
(١) قال النووي: الصحيح: الاختيار إلى الجاني، وقال الرافعي: إنه الأظهر. (ر. الشرح الكبير: ١/ ٢٢٤، والروضة: ٩/ ١٩٠).
(٢) في الأصل: "جهة المشاج".