القصاص في الطرف بالإبراء، فهو بمثابة سقوط القصاص بالاستيفاء.
ولو قطع رجل يد رجل، فقطع المجني عليه يد الجاني قصاصاً، ثم سرت الجناية إلى نفس المجني عليه، فالقصاص يجب في نفس الجاني، وإن وقعت السراية بعد سقوط القصاص عن الطرف بطريق الاستيفاء.
والاستشهادُ الذي ذكره بعيد؛ فإن المقتص مستوفٍ، والاستيفاء لا يمنع الاستيفاء، والعافي مسقط حقَّه في أصل الجناية، فقد نهض ذلك شبهةً في سقوط ما سقط بالشبهة.
هذا قولنا في ضمان القصاص.
١٠٥٥٦ - أما ضمان المال، فالعافي (١) لا يخلو إما إن كان قال: عفوت عن موجب الجناية، ولم يتعرض لغيره، فالكلام يقع -وقد مات العافي- في شيئين: أحدهما - في أرش اليد. والثاني -في (٢) ضمان السراية.
فأما أرش اليد، فسقوطه وإن صرح بإسقاطه يخرّج على أصلٍ قدمناه في كتاب الوصايا، وهو أن الوصية لا تصح (٣) للقاتل، فالأرش واجب على الجاني، فإن قلنا: تصح الوصية له، فالعفو عن أرش اليد المقطوعة وصيةٌ معتبرة من الثلث، فتأمله وافياً أو غير وافٍ.
هذا (٤) إن قلنا: أرش الجناية لا يسقط.
فإن قلنا: أرش الجناية يسقط، فقد ذكرنا في ضمان السراية إذا ترامت إلى ما (٥) دون النفس أن المذهب أنه يجب، وحكينا وجهاً بعيداً في سقوطه. قال الأئمة: الوجه البعيد لا يخرّج في ضمان السراية، وقد أدى إلى الهلاك؛ فإن تصرف
(١) عودٌ إلى أصل المسألة، وصورتها: أن يقول المجني عليه بقطع يده: عفوت عن هذه الجناية.
(٢) في الأصل: "من".
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل: "ثم".
(٥) في الأصل: "إليها".