فأما المرعي في عيوب الديات، فما يؤثر في المالية؛ فإنها أعواض، فكل عيب يُثبت الرد في البيع، فالسلامة منه معتبرة.
ولو كانت إبل الناحية عجافاً مِراضاً، أو كانت إبلُ الغارم كذلك -إن اعتبرنا ملكه-عدلنا (١) عنه، وجعلنا عيبَ الإبل كعدمها، وليس هذا كأخذنا المعيب من الإبل المعيبة في الزكاة؛ فإن الزكاة واجبُ الأموال، فاعتبرت فيها (٢) صفة الأموال وهذا ظاهر.
ثم نقول: إن كانت الدية مخففة، قوّمت على صفاتها، وإن كانت مغلّظة قومت، ثم يظهر التفاوت تغليظاً وتخفيفاً في القيمة، كما كان يظهر في الأصل لو وجد.
وإن فرعنا على القديم، ورجعنا إلى المقدّر من الدراهم والدنانير، فالمذهب الأصح أن أثر التغليظ يسقط، وهذا من أصدق ما يدل على فساد هذا القول.
وذهب بعضُ أصحابنا إلى أنا وإن قدّرنا نزيد للتغليظ (٣) ثلث المقدّر، فيصير الاثنا عشر ستةَ عشرَ ألفاً، أخذاً من قول ابن عباس.
وهذا لا أعتد به ولا أعده من المذهب.
١٠٥٨٠ - ثم ما ذهب إليه المحققون أنا نغلّظ دية المرأة على النسبة (٤) المتقدمة، ونغلّظ دية اليهودي، والنصراني، وهذا مجمع عليه بين الأصحاب، والغرض ما وراءه، قال هؤلاء: نغلظ دية المجوسي على قدره، فإنا إذا كنا نغلّظ أروش الجنايات وإن قلّت، فأبدال النفوس ينبغي أن تكون في معناها.
وكان شيخي أبو محمد يقول: التغليظ جارٍ في كل ما نطق الشرع فيه بالنسبة والجزئية، وقد ورد في الشرع أن المرأة على النصف من الرجل، واليهودي عند الشافعي على الثلث، ولم يصح في دية المجوسي لفظ النسبة، وإنما اتبع الشافعي قضاء عمر في ديته بثمانمائة درهم. قال رضي الله عنه: "نتبع هذا المقدار،
(١) في الأصل: "عدنا".
(٢) في الأصل: "منها".
(٣) في الأصل: "مزيد التغليظ".
(٤) في الأصل: "الستة".