وتوجيه القولين، وذكْرُ مأخذهما مستقصىً في كتاب العِدَّة، فإن جرينا على أنه دمُ حيضٍ، فحكمه حكمُ الحيض، في كل تفصيل، غيرَ أنه لا يتعلق بتلك الأقراء انقضاء العِدة.
والذي يتعلق بأمر النفاس من ذلك أنها إذا كانت ترى أدواراً مستقيمةً في زمان الحمل، والتفريعُ على أنّ الحامل تحيض، فإذا كانت تحيض خمسةً وتطهر خمسة وعشرين، فرأت خمستها، وطهرت عشرة أيام، ثم ولدت ونُفست، ولم يتخلل بين الخمسة التي رأتها (١) قبل الولادة وبين دم النفاس طهر كامل.
فأما دم النفاس، فهو على حكمه، ونقصان الطهر قبله لا يؤثر فيه، واختلف أئمتنا في تلك الخمسة، فذهب بعضهم إلى أنها دم فساد؛ لأنها لم تستعقب طهراً كاملاً، والأصح أنها دم حيض، على القول الذي عليه التفريع؛ فإنّ الدم إنّما يضعف إذا لم يتقدمه طهرٌ كامل، والخمسة مسبوقة بطهر كامل، ونقصان الطّهر يؤثر فيما بعده، ولا ينعكس أثره على الدم السابق، وإذا لم يؤثر نقصان الطهر في النفاس بعده، لم يؤثر في الدّم قبله، والذي يوضّح ذلك أن الولادة إذا تخللت، فهي أقوى في فصل الدم من الطهر الكامل.
ولو رأت خمستها، ثم اتصلت الولادة بها ونُفِست من غير طُهرٍ، فالخلاف في الدم المتقدّم على الولادة كما تقدم، وإن لم يتخلل نقاءٌ أصلاً.
الفصل الثالث (٢)
٦٢٩ - فأما " الفصل الثالث " فمضمونه ولادة توأمين بينهما دمٌ، فإذا ولدت ولداً، ورأت دماًً أياماً، ثم ولدت ولداً آخر من ذلك البطن، فالذي رأته من الدم على أثر الولد الأول نفاسٌ أم لا؟ فيه وجهان: أحدهما - أنه ليس بنفاس؛ فإنه متقدم على فراغ الرحم من الولد.
والثاني أنه نفاس؛ فإنه على أثر الولادة.
(١) في النسختين: لأنه. والمثبت من عمل المحقق. ثم صدقتنا (ل)، بحمد الله وتوفيقه.
(٢) زيادة من المحقق.