١٠٦١٣ - وحقيقة هذا لا تبين إلا بأصل آخر تمهيده في أحكام اللسان، وهو مقصود في نفسه، ونبني عليه كمالَ الكشف، فيما ذكرناه (١) من نقصان الحروف، فنقول: من استأصل جرْم اللسان قطعاً، فيسقط الكلام لا محالة، ولا يجب على الجاني إلا دية واحدة؛ وإن (٢) جنى على الجرْم والمنفعة كجرم اليد وبطشها.
ولو قطع الجاني عَذَبةَ اللسان (٣)، وأبطل جميع الكلام، استوجب الدية الكاملة، كما لو قطع أصبعاً من يد، فأشل اليدَ.
ولو قطع ربع اللسان، فأبطل نصف الكلام، وجب نصفُ الدية، ولو قطع نصفَ اللسان، وبطل ربعُ الكلام، فقد قطع الأصحاب بأنه يجب نصف الدية، فنظروا عند تفاوت المقطوع من الجِرم والفائت من الكلام إلى الأكثر، فإن كان المقطوع أكثر، فالمقطوع يقدّر بنسبته (٤) الواجبُ من الدية، وإن كان الفائت أكثر، فالاعتبار به.
أما إذا كان الفائت من الكلام أكثر، فاعتباره منقاس بيّن؛ فإن المنفعة هي المقصودة، فإذا فات شطرها، لم يخف تعليل إيجاب نصف الدية، ولو جنى على اللسان، فأذهب نصف الكلام من غير قطع، وجب نصف الدية، فلا خفاء بالقول في هذا الطرف.
فأما إذا قطع نصف اللسان، وذهب ربع الكلام، ففي هذا اعتياض قليل، ولا خلاف، وهو مشبه بما لو قطع أصبعين من يد رجل، ولم يسقط من منفعة بطشه خمساها، وكان صاحب (٥) اليد جاريَ الحركة، فالنظر إلى الأَجْرام التي قطعها، والواجب خمسا دية اليد.
وإذا تبين ما ذكرناه، ترتب عليه إيجابُ الأكثر، فإن كان الفائت من جرم اللسان أكثر، فهو المعتبر.
(١) في الأصل: "وبما ذكرناه".
(٢) في الأصل: "فإن".
(٣) عَذَبةُ اللسان: طرفه. (المعجم).
(٤) في الأصل: "اليد سببه".
(٥) في الأصل: "ضياع".