أنا هل نضرب على القاتل (١) يُوجَّه من الخلاف الذي ذكرناه في أنه لو تجدد في بيت المال مال، فهل نأخذ العقل منه؟ فإن قلنا: نأخذ العقل مما تجدد، فلا نغرِّم القاتل؛ فإن جهة التحمل مرقوبة (٢)، وإن قلنا: لا نضرب العقل على ما تجدد في بيت المال، فلا يبعد أن نضرب على القاتل؛ فإنا لو لم نفعل ذلك، لأدى إلى تعطيل العقل (٣) وإهدار الدم، وإسقاط حقوق أولياء الدم.

١٠٧٧٠ - ومما يتصل بذلك أنا إذا رأينا تغريم القاتل حيث ذكرنا ذلك تتأجل الدية (٤) عليه بأجلها على العاقلة؛ من جهة أن دية (٤) الخطأ وشبه العمد، لا تجب شرعاً إلا مؤجلة، ثم إذا مضت سنة، ولم نجد من يحمله سوى القاتل؛ فإنه يؤدي هذه الوظيفة وهي ثلثٌ، فنُجري القاتل في رجوعنا عليه عند فقدان جهات التحمل مجرى ببت المال، وقد ذكرنا أن بيت المال يتحمل ما يفضل عن تحمل المختصين، وذلك أنا لو لم نضرب على القاتل، لعطّلنا العقل (٤)، والذي نحاذره (٥) التعطيلَ، إذا ضربنا البعض وتركنا البعض، فالذي تركناه تعطيلٌ، وتعطيله ما نحاذره (٦).

١٠٧٧١ - ومما يتصل بتمام الكلام لبيان المراد في ذلك أن من أقرّ أنه قتل خطأً، فإن أنكرت (٧) العاقلة، فإن (٨) لم تقم بينة، فالعاقلة لا يكلّفون العقلَ، وإقرار الجاني غير مقبول عليهم، وهذا مستدٌّ (٩) على قواعد الأصول، وقال الرسول عليه السلام: "لا تحمل العاقلة عمداً، ولا اعترافاً" (١٠) وفي بعض الروايات: "لا تحمل

(١) في الأصل: "العاقل".
(٢) في الأصل: "التحرّم موقوفة".
(٣) في الأصل: "القتل".
(٤) زيادة من المحقق.
(٥) في الأصل: "نجاوزه".
(٦) عبارة الأصل: "تعطل تعطيله ما نجاوزه".
(٧) في الأصل: "اعترف".
(٨) في الأصل: "وإن".
(٩) في الأصل: "مستمر".
(١٠) حديث "لا تحمل العاقلة عمداً ولا اعترافاً" سيأتي الكلام عليه قريباً.