ظني أن الصحيح الذي أورده أئمة الحديث: "لا تحمل العاقلة عمداً ولا اعترافاً" فلو صح النقل في العبد عسُر التأويل.
فإذا قلنا: قيمة العبد غيرُ معقولة، فهي مضروبة في مال القاتل عاجلاً تامّاً لا ننحو بها نحو الديات، بل نسلك بها مسلكَ قِيمِ البهائم إذا أتلفها المتلف.
وإذا قلنا: معقولة، فإن كانت على قدر الدية الكاملة، فلا شك أنها مضروبة عليهم في ثلاث سنين، على اعتبار المقدار والنفس، وإن كانت القيمةُ أكثرَ من دية الحر فإن نظرنا إلى النفس، اعتبرنا (١) ضرب القيمة على العاقلة في ثلاث سنين من غير مزيد، فإن النفس متحدة، ولئن كان في هذا إجحاف، فيعارضه أن المجوسية (٢) مضروبة عليهم في ثلاث سنين.
ومما يتمسك به هذا القائل أنا لا ننقص الأجل قط عن سنة، وإن قلّ قدر الأرش، اتباعاً للتوقيف، فينبغي أن لا يزيد على ثلاث سنين؛ ليعتدل القول في الطرفين، ويتسق الاعتبار في الأدنى والأكثر.
وإن قلنا: الاعتبار بالمقدار، فقد قال هؤلاء: نزيد على ثلاث سنين، حتى إن كانت قيمة العبد ديتين كاملتين، ضربناها في ست سنين، وهكذا على هذا القياس: نزيد في الأجل (٣) إذا زاد المقدار.
وإن زادت القيمة على الدية الكاملة بمقدارٍ يسير، فذلك الزائد مضروب في سنة كاملة؛ لما ذكرناه من وفاق الأصحاب على أنا لا نضرب شيئاًً في شقص من السنة قط، ويمكن أن يقال: سببه أن مكاسب الإنسان تسير إلى الأثمان في كل سنة (٤)،
(١) عبارة الأصل: "أكثر من دية الحر، فلهذا اعتبر ضرب القيمة ... " والزيادة والحذف والتعديل من عمل المحقق.
(٢) " المجوسية " المراد دية المجوسي.
(٣) في الأصل: "الأصل".
(٤) ما بين المعقفين تصرف واسع في الأصل بالزيادة والحذف والتغيير، طلباً لاستقامة العبارة مع محاولة الحفاظ على أقرب صورة لألفاظ الأصل وعبارته التي كانت هكذا: "لما ذكرناه من وفاق الأصحاب على ألا نبقي تصرفاً في السنة بالحط قط، ولا يمكن أن يقال: سببه أن مكاسب الجاني تسير إلى الأيمان في كل سنة".=