والذي نص عليه الشافعي وتابعه عليه الأئمة، أن هذه الصلوات لا تفوت بالانتهاء إِلى هذه الأوقات. ورأى الشافعي إِزالة الظاهر فيها؛ لأخبار صحيحة صريحة عنده في امتداد وقت الأداء وراءها؛ فإن النبي -عليه السلام- قال: "من أدرَك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح" (١)، فكان ما ذكره جبريل بياناً للمواقيت المختارة في الصلوات الثلاث.
وقال قائلون من حملة المذهب: "صلاة العصر والصبح لا تفوت بالانتهاء إِلى المثلين والإِسفار، وصلاة العشاء تفوت بالانتهاء إِلى الزمان المذكور"، وإِنما فصَّل هؤلاء؛ لأن الخبر في إِدراك ركعة ورد في العصر والصبح دون العشاء. وهذا غير مرضي؛ فإِنه ثبت في صلاة العشاء ما يناقض هذا المذهب؛ فإِنا لا نعرف خلافاً في أن الحائض إِذا طهرت، وقد بقي من الليل مقدارُ ركعة، أنها تصير مُدْرِكة لصلاة العشاء، ولو لم يكن ذلك معدوداً من وقت العشاء، لما صارت مدركة لها، كما لو طهرت مع طلوع الفجر. فهذا أحد الفصلين.
الفصل الثاني
في بيان كلام الأصحاب في وقت الفضيلة، والاختيار، والجواز في صلاة العصر
٦٥٠ - قال الشيخ أبو بكر (٢): للعصر أربعة أوقات:
وقت الفضيلة: وهو أول الوقت.
ووقت الاختيار: وهو يمتد إِلى انقضاء المثل الثاني.
ووقت الجواز من غير كراهية: وهو ما بعد ذلك إِلى اصفرار الشمس.
(١) حديث "من أدرك ركعة .. " متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه (ر. البخاري: مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الفجر ركعة، ح ٥٧٩، مسلم: المساجد، باب من أدرك ركعة من الصلاة، ح ٦٠٨).
(٢) المراد الصيدلاني، كما يفهم من كلامه الآتي عن صلاة الظهر.