الأروش في ست سنين، لأنها بلغت ديتين، فإذا كنا نضرب ديةً في ثلاث سنين، وجب أن نضرب مقدار ديتين في ست سنين.
وقد ذكرنا أن من قتل رجلين كاملين، فنضرب ديتيهما في ثلاث سنين، وهذا الذي نحن فيه من وجهٍ يشابه قتلَ نفسين، نظراً إلى وجوب ديتين، ومن وجهٍ ينقطع عنه، لأن من قتل نفسين، فكل نفس متميزة عن غيرها، وموجب القتل فيها ضرب الدية -من وقت وَقَع القتلُ- في ثلاث سنين.
وإذا قَطَع من كاملٍ (١) يديه ورجليه، فالأروش وإن بلغت ديتين، فهي متعلقة بشخص واحد مجنيٍّ عليه، فيجوز أن يؤثر مقدار الكثرة في إيجاب الزيادة في الأجل؛ فإن المجنيّ عليه إذا كانت الأروش في حكم الموجَب الواحد لا تميز فيه، فاتجه المزيد في الأجل عند المزيد في المقدار.
وهذا فيه لطفٌ، من جهة أنا إنما نفرعّ على اعتبار بدل النفس، لا على اعتبار المقدار، وإذا أحللنا مقدار ديةٍ محل بدل نفس، فيحتل مقدار ديتين محلّ (٢) نفسين، ثم لا تميز؛ فإن المجني عليه واحدٌ، بخلاف ما إذا قتل نفسين.
١٠٧٨٨ - وقد (٣) ذكرنا عن شيخنا أبي محمد وجهاً أن أروش الأطراف مضروبة في سنة واحدة بالغة ما بلغت، فيجتمع في قطع اليدين والرجلين من كاملٍ -إن كان يُعتد بما حكاه- أوجه ثلانة: أحدها - أن الأروش مضروبة في ثلاث سنين.
والثاني - أنها مضروبة في ست سنين.
والثالث - أنها مضروبة في سنة واحدة، وهذا بعيد جداً.
وقد اجتمع في الفصل أقوال غريبة: أحدها - أنا لا نضرب أروش الأطراف على العاقلة، حكاه العراقيون. والثاني - أنا لا نضرب مقدار ثلث الدية، حكاه أبو علي وغيره. والثالث - أنا نضرب أروش الأطراف في سنة واحدة بالغة ما بلغت (٤).
(١) في الأصل: "ما بكامل".
(٢) في الأصل: "على".
(٣) في الأصل: "فقد".
(٤) حكاه أبو محمد.