عامداً لم نشك في ذلك، فسقوط العمد لا يغير حكم التلف، ومقتضى الضمان المترتب عليه، نعم، قد يختلف الأمر في متعلق موجب الخطأ والعمد، وليس ذلك من (١) غرضنا الآن.
والأولى أن نقول: إذا كان تردّيه مضموناً على الحافر ضماناً مستقراً، فكيف يصير سبباً للضمان في حق هذا المضمون، والمسألة محتملة، والإشكال فيها بالغ.
وفي كلام الأصحاب ما يشير إلى التردد، فيجوز أن يقال: لا ضمان على الثاني
الساقط على الأول، لا تعلقاً، ولا قراراً، لما ذكرناه آخرأ، ويجوز أن يقال: الثاني
في منزلة (٢) المغرور بالإضافة إلى الحافر، وهو فاعل متسب، (٣) لتلف، فتعلق الضمان به لفعله، ويثبت الرجوع على حافر البئر، كما تقدّم في (٤) المكرَه على إتلاف المال إذا طولب في وجهٍ، ثم يرجع على المكرِه، والأولى الوجهُ الأول، وهو قطع الطّلبة بالكلية، فإنه مضمون ضمان قرار على صاحب البئر، فهو في حركته (٥) غير منتسب إلى تردية بوجه، وقد ضمن له تردّيه فكيف يصير ترديه مضمّنه؟
ولكن رأيت للأصحاب تردداً في هذا، فأتيتُ بالممكن فيه، وإلا فلا استرابة بأنه لا تعلق (٦) بالمتردِّي، لا طلباً، ولا قراراً.
ثم لو قدرنا الطلب على عاقلته ولا عهد لنا بتغريم العاقلة، ثم إثبات الرجوع لهم، فإنهم لا يغرمون قط إلا غرم قرار.
فرع:
١٠٨٣٦ - لو أن رجلين كانا يتخاصمان، فانتهى الأمر إلى أن شهرا سيفيهما، وتقاتلا، وماتا مقتولين، ثم ادّعى ورثة (٧) كل واحد من القتيلين أن
(١) في الأصل: "في".
(٢) مكان كلمة غير مقروءة.
(٣) في الأصل: "تسببا".
(٤) زيادة اقتضاها السياق.
(٥) في الأصل: "تركته".
(٦) في الأصل: "يتعلق".
(٧) في الأصل: "ودية".