فلو رمى إلى حربي، فأسلم الحربي، وأصابه السهمُ مسلماً، ففي وجوب الضمن وجهان- على قولنا: لو جَرحَ الحربيَّ ثم أسلم، ومات لا يضمنه، وسبب الاختلاف أن الرَّمْي (١) إنما يصير جناية عند مصادفة السهم المجني عليه، ولقد كان مسلماً إذ ذاك، وليس كذلك إذا وقع الجرح بالحربي، ثم فرض الإسلام من بعدُ.
وإذا تبين ما ذكرناه في الرّمْي (١) والجرح، عدنا إلى جرح الحربية الحامل وإفضاء الجرح إلى الإجهاض بعد إسلام الحامل (٢)، وجريان الحكم للجنين بالإسلام تبعاً، فمن أصحابنا من أهدر الجنين، فإن الجراحة وقعت بالحربية وهي مهدرة، فصار كسريان الجراحة الواقعة بالحربي إلى روحه، فالسريان إلى الجنين كالسريان إلى روح المجروح.
ومن أصحابنا من جعل الجناية المتصلة بالأم في حق الجنين بمثابة الرمي (١)، وقد ذكرنا في الرمي (١) إذا جرى في حالة الإهدار وحدوث (٣) الإصابة في حالة الضمان وجهين، فرجع حاصل الكلام إلى تردد الأصحاب في إلحاق هذه المسألة في حق الجنين بالجراحة أو بالرمي، كما قدمنا (٤)، والأصحُّ انتفاء الضمان.
ولو جرح مرتدة حاملاً، فإن كان ولدها مسلماً، فألقته بالجناية، وجب الضمان إذا كان مسلماً حالة الجناية.
١٠٨٦١ - وإن كانت علقت بولدها من مرتد، ففي ولد المرتدة من مرتد قولان: أحدهما - أنه مسلم، فإنه جرت الجناية والجنين مسلم، فيجب الضمان، ولا حاجة إلى تصور إسلام المرتدة قبل الإجهاض، فإن قلنا: ولد المرتدة من المرتد مرتد، فإذا
(١) في الأصل: " الذمي ".
(٢) هذه هي المسألة المفروضة التي سقطت وزدناها، كما أشرنا في التعليق قبل السابق.
(٣) في الأصل: " وجوب ".
(٤) واضح أن الفرق بين الجراحة للحربي الذي يسلم بعدُ ثم يموت مسلماً ورَمْي السهم إليه وهو حربي، فيسلم قبل أن يصيبه السهم، ثم يموت مسلماً- ففي حالة الجراحة اتصلت الجراحة وتمت وهو في حالة الإهدار، أما في حالة السهم فلم تحدث إلا وهو مسلم معصوم. هذا هو الفرق. وفي مسألتنا (جرح الحربية الحامل) هل أُلقي الجنين بجناية اتصلت به عند الإلقاء فتكون كحالة الرمي أو اتصلت به عند الجناية على الأم، فتكون كحالة الجرح والسراية؟