وهذا لا حاصل له، والذي أعتقده على مبلغ إحاطتي بتصرف الشافعي أنه عوّل في هذا على الحديث، فإنه عليه السلام قال: " تبرئكم اليهود بخمسين يميناً "، وهذا يشعر بتعددهم مع اعتبار عدد الخمسين في جانبهم، وقد نص الشافعي على تعدد الأيمان في جانب المدعى عليه، ولا تعلق بقوله: " تحلفون خمسين يميناً "، فإن الوارث فيهم كان واحداً، وإنما خاطبهم على الاعتياد. وعلى حالٍ في الحديث تعلُّقٌ، ومن يزلّ (١) عنه، لم يجد مضطرباً في المعنى.
فإن قلنا: يحلف كل واحد خمسين يميناً، فلا إشكال ولا تفريع.
١٠٩٣٥ - وإنما تتفرع مسائل الباب على القول الثاني، فلا عود إلى القول الأول.
فأول ما نذكره أن القتيل إذا خلّف ابنين مثلاً، والتفريع على توزيع الأيْمان، فيحلف كل واحد منهم خمساً وعشرين يميناً، فإن نكل أحدهما، وأراد الثاني أن يحلف، فليحلف خمسين يميناً، ثم لا يثبت إلا حصته. فإن أراد صاحبه أن يكتفى بأيمانه، ويطلب حصته، لم يكن له ذلك، وهذا يُضعف هذا القولَ، كما نبهنا عليه.
ولو أراد قسمةَ اليمين، فجرّت القسمة كسراً (٢) مثل أن يخلّف القتيل ابناً وبنتاً، فالابن يحلف ثلثي الخمسين، وثلثا الخمسين على تعديل الجزئية ثلاثة وثلاثون وثلث، ولكن اليمين لا تتبعض، فلا بد من جبر الكسر، ولا سبيل إلى إسقاطه؛ فيحلف الابن أربعة (٣) وثلاثين يميناً والبنت يخصها من جهة التجزئة ستة عشرَ يميناً وثلثاً؛ فتحلف سبعةَ عشرَ، هذا لا بد منه.
ولو كثر عدد الورثة فبلغوا مائة، فلا بد من تحليف كل واحد منهم يميناً، إذا استوت حصصهم.
(١) في الأصل: " بدل ".
(٢) في الأصل: " فجرى في القسمة كسراً "، والمثبت من (هـ ٢).
(٣) المنصوص فيما رأيناه من كتب اللغة أن اليمين مؤنثة، ولكن ما رأيناه في المخطوط الجري على التأنيث حيناً، والتذكير غالباً، وقد اتفقت النسختان على ذلك، ولذا آثرنا التنبيه وعدم التعديل.