والاستقبال، أو ترك أحدهما، فذكر شيخي وجهين في الاعتداد بأذانه، وذكرهما بعض المصنفين. وظهر ميله إِلى أنهما شرط في الأذان في كتابه المترجم "بمختصر المختصر" (١)، وكان يوجه ذلك بأن شرائط الشعار متلقى من استمرار الخلق على قضية واحدة، وهذا ما بنى عليه الشافعي مذهبه في إِيجاب القيام في الخطبتين، والقعود بينهما في يوم الجمعة.
والأصح القطع بأن القيام والاستقبال ليسا مشروطين في الأذان.
٦٨١ - ثم إِذا فرعنا أن الأَوْلى أو المشروط هو الاستقبال، قلنا: لو التوى يميناً وشمالاً في الحيعلتين، كان حسناً، حتى يُسمعَ النواحي، وكان ذلك معتاداً مألوفاً من دأب المؤذنين في العُصُر الخالية، ولكن لا ينبغي أن يستدير على المئذنة، بل يُقر قدميه قرارهما، ويلتوي يميناً وشمالاً بقدر التفات المسلم في آخر الصلاة.
ثم اختلف الأئمة، فقال الأكثرون: يقول: حيَّ على الصلاة مرتين عن يمينه، ثم يقول: حيَّ على الفلاح مرتين عن يساره، وهذا ما عليه العمل، وكان القفال يرى أن يقسّم الحيعلتين على الجهتين، فيقول: حيَّ على الصلاة عن يمينه، ثم حيَّ على الصلاة عن يساره، ثم حيَّ على الفلاح عن يمينه، ثم حيَّ على الفلاح عن يساره.
ثم الذي ذهب إِليه الأصحاب استحباب الالتفات على الوجه المذكور في الإِقامة.
وحكى بعض المصنفين (٢) أن القفال ذكر مرّة أن الالتفات غير محبوب في الإِقامة.
وهذا غير صحيح، والرجل غير موثوق به فيما ينفرد بنقله.
(١) من كتب أبي محمد الجويني.
(٢) لم يصرح إِمام الحرمين بمن يعنيه ببعض المصنفين، الذي ينقل عنه هنا، والذي يصفه بأنه غير موثوق به فيما ينفرد بنقله، وقد ترجح عندنا أنه الإِمام أبو القاسم الفوراني، وسيأتي توضيحٌ لذلك، ومزيد بيان. (بعد أن سجلنا هذا تأكد هذا الترجيح، وصار يقيناً أنه يعني أبا القاسم الفوراني، ولعلنا نعرض لذلك في بعض ما نستقبل من التعليقات).