بلغه الدعاء العام، فالأصح أنه يؤذن، ولكن ليس (١) أذانه إِقامةَ الشعار الذي وصفناه؛ فإِنه ليس يَطلبُ دعاءَ جمع، وقد قام بالدعاء العام المرتَّبون له.
وكذلك المنفرد الذي لا يرجو حضور الجماعة، فإِن لم تبلغه دعوةٌ عامة، ففيه خلاف حكيته، وهو بالأذان أولى. ثم ينتظم من كونه أولى، مع ما تقدم في حق من بلغته الدعوة أقوال: أحدها - يؤذنان (٢)، والثاني - لا يؤذنان، والثالث - يؤذن المنفرد، حيث لم تبلغه دعوة، ولا يؤذن من بلغته دعوة.
ولا ينبغي أن يختلف القول في المنفرد الذي لم تبلغه دعوة (٣) وهو يرجو حضور جمع. ثم من لم تبلغه الدعوة وهو يرجو حضور جمع (٤)، فنرى له رفعَ الصوت، ومن لا يرجو، ولم تبلغه دعوة ففي رفع الصوت تردّد وخلاف، ومن بلغته دعوة وهو يصلي في رَحلِه، ولا يقصد جمع طائفة، ففي رفع الصوت خلاف، وهو أوْلى بألاّ يرفعَ صوته.
ويترتب من المسألتين ثلاثة أوجه: فحيث نقول: لا يرفع، لا نكره رفع الصوت، ولا ننهى عنه، بل هو أولى قطعاً، وإِنما الكلام في الاعتداد بالأذان من غير رفع الصوت، وقد يُنهى عن رفع الصوت في بعض الصور، كما نصّ عليه، فالمرأة ممنوعة من رفع الصوت منعَ تحريم. ومن حضر الجمع الثاني في المسجد الذي أقيم فيه الأذان الراتب والجمع الراتب، لا يحرم عليه رفع الصوت بالأذان، ولكن الأولى ألا يرفع.
ثم حيث حرّمنا الرفع -وهو في حق المرأة- فهل يشرع (٥) الأذان؟ فيه التردد المقدم، والأظهر أنه لا يشرع، وحيث ننهى ولا نُحرِّم، فهو في الأذان من غير إِبلاغ
(١) زيادة من: (ت ١)، ثم (ل).
(٢) "يؤذنان": أي من بلغته الدعوة، ومن لم تبلغه.
(٣) ما بين المعقفين ساقط من الأصل. وأثبتناه من: (ت ١). وهو في (ل) أيضاً.
(٤) زيادة من المحقق رعاية للسياق، وللإِيضاح. حيث حذفت النسخ كلها (المفعولَ به).
(٥) في الأصل كما في (ت ١): يسوغ. والمثبت تقدير منا رعاية لعبارة الإِمام في المسألة نفسها، وهو أيضاً تعبير ابن أبي عصرون، في مختصره. وقد ساعدتنا (ل).