المقر؟ نُظر: فإن كانت الغيبة قريبة، حُبس، وإن كانت بعيدة، فقد قال الأصحاب: إن كانت العين التي أقر بسرقتها تالفة، حبس، وإن كانت قائمة فوجهان: أحدهما - يحبس، كما لو كانت تالفة. والثاني - لا يحبس، بل ينتزع الحاكم العينَ من يده، ويحفظها للمقَر له.
ومن تمام البيان في هذا أن العين لو كانت تالفة، فقال المقِر بالسرقة: أنا أبذل قيمتها، فخذها وخلِّ سبيلي، فهذا يخرج على الخلاف المذكور في بقاء العين.
ووراء ما ذكرناه سر، وهو أن من أقر لرجل بمال في غيبته، فالسلطان لا يحبسه؛ فإن الحبس موقوف على استدعاء مستحِق الحق، فهذا الحبس يستحيل أن يكون لأجل المال، فيجب رد النظر إلى القطع. فإن قلنا: القطع يسقط بالرجوع عن الإقرار؛ فلا معنى للحبس. وإن قلنا: لا يسقط القطع بالرجوع، فيجوز أن يقال: يحبس؛ فإنه لو خُلّي، لأوشك أن يفلت ويفوت الحق، فليكن الخلاف مأخوذاً من هذا المأخذ. ثم لا يختلف الأمر في هذا الترتيب بين أن يكون المقَرُّ به عيناً، أو ديناً.
وقد نجز مقدار غرضنا في الإقرار بالسرقة.
١١١٤٢ - فأما إذا كان على السرقة بيّنة أقامها مدعي السرقة، فلا يخلو: إما أن تكون كاملة أو تكون ناقصة، فإن كانت كاملة، وذلك بأن يشهد رجلان عدلان، فالقطع يثبت، والغرم يثبت. ولو قال المدعى عليه: كان المسروق ملكي غصبنيه، فهل يسقط الحد عن السارق؟ هذا فيه اختلاف قدمته، ونص الشافعي رضي الله عنه على سقوط القطع بمجرد الدعوى.
وفي هذا فضل نظر؛ فإن ما ذكرناه من سقوط القطع على النص بالدعوى فيه إذا لم تكن بيّنة، فإذا قامت بينة كاملة يثبت بمثلها العقوبات، فيبعد المصير إلى إسقاط القطع إذا كانت الحالة هكذا.
والذي (١) تحصل لنا من قول الأصحاب تفصيلٌ نطرده على وجهه، فنقول: إن
(١) في الأصل: " فالذي ".