الضرورة، ولا وصول إلى البيت إلا بإتلاف البهيمة، فلا شك أنه يُتلفها، وفي ضمانها وجهان: أحدهما - أنه يجب كما لو أتلفها للمخمصة، وأكل منها. والثاني - لا يجب الضمان لوقوفها وربوضها على سبيله الموصل إلى الزاد.
ولو كان الإنسان في طريقه عابراً، وسطقت جرّةُ أو ما في معناها في ملك إنسان واستوت على رأسه (١)، ولو لم يكسرها، لأهلكته أو خيف عليه منها (٢)، فإذا كسرها، فللأئمة أصلان في ذلك، فقال قائلون: كسرها بمثابة قتل البهيمة الصائلة، وقال آخرون: يجب الضمان، وإن ساغ الكسر؛ لأنه لا اختيار لهذا الساقط على سمت رأسه. ولاختيار الحيوان أحكام لا تُنكر.
١١٢٤١ - ثم تكلم الأئمة فيما يجب من الدفع، وفيما يسوغ، فنستتم ذلك، ثم نخوض بعده في إيضاح تدريج الدفع، فنقول: إذا قصدته بهيمةُ إنسانٍ، وصالت عليه، وجب عليه دفعها، وإن كان الدفع يأتي عليها، ولا يجوز أن يستسلم للتهلكة، ولا بُعدَ (٣) في هذا، ونحن نوجب قتل البهيمة الضارية بالإهلاك، وإن لم تكن صائلة في وقتها، لقطع توقع الصيال منها.
ولو صال مرتد أو حربيّ على مسلم، لم يحلّ له أن يستسلم، ويؤثر الهلكة؛ فإنه لا حرمة للصائل، والاستسلام لهما ذلٌّ في الدين.
١١٢٤٢ - ولو كان الصائل رجلاً مسلماً محقون الدم، فهل يجوز الاستسلام للهلكة؟ وكيف السبيل فيه؟ اختلف النص، وحاصل المذهب في أصل التمهيد قولان: أحدهما - أن الاستسلام غير جائز؛ فإن المهجة المصول عليها محترمة، والشخص الصائل ظالم ساقط الحرمة، فيجب إيثار الذب عن المهجة المحترمة، ولا يسوغ بذلها لشخص ساقط الحرمة.
(١) في الأصل: " رأسها ". والمثبت من المحقق رعاية للسياق.
(٢) صورة المسألة أن تهوي جرة مملوكة لإنسان من ملكه لسببٍ ما، وتهوي مسامتة لرأس إنسان، فهل له أن يعاجلها، ويكسرها قبل أن تصل رأسه.
(٣) في هذا أي في الحكم بوجوب الدفع وعدم الاستسلام.