عليه، إذا كانوا يعلمون أنهم يُقتلون لو أُخذوا. وهذا يعم الأحرار والعبيد والنساء.
وإن كان لا يبعد أن يؤسروا ثم لا يتسبب (١) الأسر إلى طلب الفكاك، ولو أظهروا امتناعاً، لقتلوا، فهذا ركن من فصل الهزيمة على ما سيأتي، إن شاء الله عز وجل.
والذي نذكره هاهنا أن القتل إذا كان متحققاً، وهو مع الاستسلام؛ فإن المكاوحة استقتال في هذا المقام، وإن علمت المرأة أنها لو استسلمت، لامتدت إليها الأيدي، ولو بذلت جهدها في الدفع؛ قتلت، فيظهر أن نُلزمَها الدفعَ؛ فإن من أكره على الزنا، لم يحل له الإقدام إليه ليدفع القتل عن نفسه، ويجوز أن يقال: إذا كانت غيرَ مقصودة بالفاحشة، وإنما تظن ذلك إذا سبيت، فلها الاستسلام في الحال في الأسر. ثم إن تمكنت من الدفع عند القصد (٢)، دَفَعت.
هذا قولنا في أهل الناحية.
١١٢٩١ - ومن تمام الكلام فيه أن أهل الناحية لو كان فيهم كثرة، وكان في خروج البعض كفاية، فابتدر من فيه كفاية، فظاهر المذهب أنه يتحتم على الباقين أن يخرجوا أيضاً، والسبب فيه أن هذه عظيمة من العظائم اشتد حث (٣) الدين على دفعها، فلو لم تزد على حدّ الكفاية، لما حصل غرض الشرع، ولكانت هذه الواقعة بمثابة ما لو كان الكفار قارّين في ديارهم. وإذا كان لا يطير إلى الكفار إلا أهل الكفاية، فبالحري أن يستجرىء الكفار على دخول ديار الإسلام علماً منهم بأنّا (٤) لا نلقاهم إلا بمثلهم في العدد والعدة. وهذا هو الظاهر.
ومن أصحابنا من قال: إذا تلقاهم من فيه ثَمَّ كفاية، لم يبق على الباقين أمر، ولا يلحقهم حرج، والغرض أن يدفعوا. وكل ما ذكرناه في أهل الناحية.
١١٢٩٢ - فأما الذين ليسوا في تلك الناحية، فنتكلم في الأقرب منهم فالأقرب، ونقول: إن كان في أهل الناحية كفاية واستقلال بالقتال، فالذين قربوا منهم، وكانوا
(١) في الأصل: " لا ينسب ".
(٢) عند القصد: أي القصد بالزنا.
(٣) في الأصل: (محب) كذا وبدون نقط.
(٤) في الأصل: " بأنهم ".