الأطعمة؛ فإن الأغنام في الشرع كالأطعمة الضائعة، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الأغنام الضالة، للسائل عنها: " هي لك أو لأخيك أو للذئب ". وقال العراقيون: يجوز ذبحها وإن كان يتيسّر سوقها كما ذكرنا، ولكن هل يغرَم من ذبحها وأكلها قيمتها؟ فعلى وجهين: أحدهما - لا يغرَم كسائر الأطعمة. والثاني يغرم؛ لأنها لم تكن أطعمة في أعيانها، وإنما وردت الأخبار والآثار في أطعمة المغنم.
وهذا الوجه ضعيف، لأنه يمنع من تسليم جواز الذبح.
وقد نجز القول في الجنس.
١١٣٢٦ - فأما الكلام في بيان الحاجة والتفصيل في التبسط، فالغانمون (١) يأخذون من الأطعمة أقدار حاجتهم إلى الكفاية التامة، أما الزيادة على الحاجة، فلا.
ولو كان لواحد منهم من الأطعمة والعلف المستصحب ما فيه كفاية، فله الأخذ من طعام المغنم أيضاً في أصل الوضع، فإن الأخبار لا تفسير فيها، وإنما مقتضاها كون الأطعمة فوضى بينهم، فإن قيل: ما معنى ما ذكرتموه من الحاجة ومن معه كفايته لا حاجة به؟ قلنا: الحاجة إلى الاقتيات والعلف قائمة، فله صرف طعام المغنم إليها، وإمساكُ ما معه.
ثم قال المحققون: إذا قل الطعام، وازدحم الجند، وقد يُفضي الازدحام إلى النزاع، فإذا استشعر قائد الجند ذلك، أثبت يده على الطعام، وقسمه -إذا قل الطعام- ْعلى أقدار الحاجات، ويقول لمن معه ما يكفيه: اكتف بما معك، ولا تزاحم أصحاب الحاجات من الجند، وإنما كنت تشاركهم فيه لو أشبع الطعامُ.
ثم قال الأئمة: تُرعى حاجة الأكل والعلف فحسب، فلو مست الحاجات للغانمين إلى توقيح (٢) دوابّهم بالشحم الذي صادفوه، ففي المسألة وجهان: أظهرهما، وأصحهما - أن ذلك لا يجوز، ولا نزيد على الطعم والعلف، والتوقيح خارج من ذلك.
(١) في الأصل: " والغانمون ".
(٢) توقيح: من وقّح حافر الدابة: صلّبه بالشحم المذاب (المعجم).