ذراريهم لا تسبى، ونساؤهم يسبون، ولا يكاد يتضح الفرق (١) بين الذراري والنساء.
وكان شيخنا يذكر طريقين في السُّوقة الذين لا يتعاطَوْن الأسلحة، ولا يمارسون القتال، وينزلهم منزلة العسفاء، وهذا وإن كان يتجه، فلم يتعرّض لذكره أحد من الأئمة، وإذا طردنا القولين فيهم، فالمقتولون من الكفار الأقلون، ومن قال في التفريع على القولين: لا تغنم أموال السوقة، فقد قرب من خرق الإجماع. هذا منتهى الفصل.
فصل
١١٣٥١ - المسلم إذا نكح حربية في دار الحرب، ففي استرقاقها وجهان مشهوران: أحدهما - أنه لا تسترق لحرمة المسلم، ولما له من العصمة، والعُلقة فيها. والوجه الثاني - أنها مسترقة؛ لأنها حربية، والرق يرد على الرقبة، وحق المستمتع يتعلّق بالمنفعة. فلا تَضاد، فإن الموردين متغايران.
ولو أعتق المسلم عبداً كافراً والتحق بدار الحرب، وعليه ولاء المسلم، فالذي ذهب إليه الأكثرون أنه لا يسترق؛ فإن في استرقاقه قطع ولاء المسلم عنه، والولاء إذا ثبت، لزم، فلم يقبل القطع، والنكاح عرضة للفسخ، فلا يمتنع انتفاؤه بسبب الاسترقاء، كما سنوضح ذلك في التفريع. إن شاء الله.
وذكر صاحب التقريب أن من أصحابنا من أجرى الوجهين في استرقاق مُعتَق المسلم، وهذا غريب.
وكان شيخنا يقول: الزوجة الحربية للذمي مسبية، ومعتَقُه لو التحق بدار الحرب هل يُسبى؟ فعلى وجهين. ومعتَق المسلم لا يُسبى، وزوجته هل تسبى؟ فعلى وجهين، ويُثبت الخلافَ في الزوجية والولاء جميعاً.
ثم ما ذهب إليه الأصحاب، واختاره صاحب التقريب لنفسه أن زوجة المسلم إذا
(١) أشار الغزالي إلى الفرق بين الذراري والنساء، فقال: " لأن ذراريهم كأجزائهم " (ر. البسيط: ٥/ ١٥٦ يمين).